الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٥٩
عليهم الأمر إذ ادعوا أنها صادرة منه أي من سنته، وليس من الكتاب، علما أن التبليغ لا يقتصر على القرآن، بل يشمل كل أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) وتعاليمه، لأنها إيضاح له وتبيان بأمر من الله، وليس من خلال فهمه الذاتي، ولولا ذلك لبطل معظم الدين وأكثر الشريعة. ولقد بدأت هذه الدعوى الباطلة منذ حياة النبي (صلى الله عليه وآله) حين كان يسأله بعض ذوي الغرض أحيانا عن أشياء يبلغها: أهو من عندك أم من عند الله؟ فيا للعجب؟ فكان يؤكد لهم ويقسم أنه لا يصدر عن نفسه بل لا يصدر إلا عن الله تعالى. ولقد حسم تعالى الأمر حين قال:
* (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) *. ولقد شرع تعالى وظيفة النبي في التبيان وجعلها جزءا من التبليغ بقوله * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) *. ومن الواضح أن التبيان ليس للنص فحسب بل للمضمون كذلك، وإلا لأمتنع التبيان لنقص في غرضه، ولقد أمر تعالى الناس بالأخذ بما يصدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) * (.. وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..) * وبطاعة النبي (صلى الله عليه وآله) التي جعلها جزءا من طاعته * (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * مما يجعل كل ما له علاقة بالدين من قوله وفعله جزءا من التبليغ، ويجعل هذا التمييز بين الكتاب والسنة تمييزا مصطنعا مخالفا لصريح القرآن الكريم، يراد منه النفوذ إلى الدين بما يناسب أغراض الذين ابتدعوه. ومما يؤسف له ويثير العجب أن أحد المحدثين، وتجديدا لأباطيل أموية من حيث لا يدري حول آية * (ومناة الثالثة
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»