الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٥٠
إن مثل هذا الادعاء بعصمة الأمة وامتناعها عن إعطاء الطاعة لغير أهلها أمر لا يجد له أحد منطقا معقولا والرواية المذكورة كدليل عليه غير قابلة لتحقق حتى لو نزل الاعتبار من كامل الأمة إلى أهل الحل والعقد مما يضعف الرواية ويفقدها أثرها. بيد أن الواقع يكذب المدعى فلا الأمة ولا أولياء أمرها كانوا على نحو يوافق الافتراض المذكور، بل إن الأمة قد دانت بالطاعة والولاء، إن طوعا أو كرها لمن لم يكن أهلا لذلك، بينما استغل أولياء الجور النصوص المحرفة المدلول أو المدسوسة لفرض ولايتهم على الناس من خليفة إلهية مدعاة، ووجدوا في الأمة من يعينهم على ذلك، وبرر الفقهاء هذا الواقع الشاذ المخالف لأصول الدين وروحه باجتهادات في باب ولاية الأمر، كالتي سقناها أقل ما يقال عنها أنها تهدف إلى إعطاء الشرعية لهذا الواقع، حتى درج الناس جيلا بعد جيل على فهم مغلوط للنصوص القرآنية والنبوية المتعلقة بالإمامة، بالتوفيق بينها وبين ذلك الواقع، فصار الشائع المحرف مألوفا لأذواق العامة رغم بعده عن الظاهر والفطرة وروح الرسالة وسلامة اللسان، والصواب أصبح شاذا يحتاج تذوقه إلى العقل الناضج والوجدان الصافي والكثير من النظر الثاقب لخرق حجب التضليل والكذب والتزوير.
وإذ لا يصمد هذا المدعى أمام حقائق التاريخ، فإنه يستبطن مبدأ العصمة دون أن يضعها في مكانها الصحيح، ويدل على ضرورة الإقرار بالعصمة لجهة مخصوصة لإحراز الانسجام مع أهداف الرسالة، وحقيقة أن هذه الولاية شأن رباني وفريضة إلهية لا وضعية، أي لا تحمل في
(١٥٠)
مفاتيح البحث: أصول الدين (1)، الهدف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»