الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٥٣
الله كما كان مختارا للنبوة، وأنه معصوم فيها كعصمته في نبوته، وأنها مثلها وظيفة ربانية الأهداف تصدر عن الله، لا عن الناس، ذلك لأن الإمامة بعد النبوة هي الركن الأهم من الدين، لما للإسلام من أبعاد تتجاوز الفرد إلى بنية المجتمع ودولته وشرائعه، وتتجاوز في برنامجها للبشرية زمن الوحي إلى يوم الدين، فهي وظيفة فيها استمرار لوظيفة النبوة الخاتمة في إتمام أهدافها وخططها عبر الزمن، يتوقف عليها سلامة الرسالة وضمانة أصالتها عبر الزمان، الذي يتوقف عليه استمرارية الهدف الرباني منها في ديمومة الهداية بها لكل الأجيال والأمم الآتية، كونها خاتمة الرسالات والوحي الإلهي، لذلك كانت ميتة من قصر عن إمام زمانه ميتة جاهلية، وكان فيها كمال الدين * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي..) * هذا النص الذي نزل بعد أن امتثل النبي (صلى الله عليه وآله) لأمر ربه بالتبليغ بولاية أخيه أمير المؤمنين علي (ع) في غدير خم، حين أعاد التذكير بمرجعية الثقلين والتأكيد على إمامة آل محمد (صلى الله عليه وآله) فكان فيها كمال الدين، وبفقدها تصاب الرسالة بالصدع وتخرج الأمة عن أهدافها الربانية، ولا يصلح لها من يندبه الناس أو من يتطوع لها، بل لا يصلح لحمل وظيفة ذات منشأ رباني وأهداف إلهية وجزئية أساسية من الرسالة السماوية إلا من اختاره الله لها، فهي ككل الدين شأن رباني يصدر عن الله تعالى ليس بشريا، ولم يترك للناس ليجتهدوا فيه، أو قل ليعبث فيه العابثون بالرأي والهوى، يصيبون ويخطئون، يصلحون ويفسدون، فالخطأ هنا ليس كالخطأ في
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»