الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٤٦
ت - الواقع التاريخي:
فلم يمض الزمن الطويل حتى استطاع أعداء النبي (صلى الله عليه وآله) أن يصلوا إلى قيادة الدين الذي حاربوه والذين بعد إسلامهم أبطنوا عداوته، فكان من الولاة والعمال طرداء للرسول (صلى الله عليه وآله) كعبد الله بن أبي سراح ومروان بن الحكم والحكم بن العاص ممن لعنهم النبي (صلى الله عليه وآله) وطردهم فقربهم عثمان وأجزل عليهم العطايا واستعملهم على الناس بدافع من عصبيته العائلية، بل وكان مثلهم لاحقا من الخلفاء كمروان نفسه والطلقاء والمؤلفة قلوبهم كآل أبي سفيان، وكان في أقل تقدير كثير من أولياء الأمور وعمالهم معلنين بالفسوق، كالكثير من الأمويين والعباسيين والعثمانيين وسواهم من أمراء الأمر الواقع، بل من الخلفاء الأوائل من أساء في الولاية عن سوء تقدير وبدافع العصبية العائلية، كعثمان بن عفان الذي استعمل طرداء النبي (صلى الله عليه وآله) وآخرين فسقة لا خلاق لهم، واستأثر بمال المسلمين، وآثر بني أمية عليهم، وتصرف في الخلافة كالملك، مما أغرى الأمة به فخلعوه وقتلوه، وكانت باب الفتة التي لم تنطفئ، وكان قد مكن لمعاوية بتوسيع ولايته وضم أغنى الولايات له، مما مكنه من حرب أمير المؤمنين علي (ع) بهدف السيطرة على الخلافة بذريعة الثأر لعثمان، بينما كان قد تخلف عن نصرته والدفاع عنه إذ طلب إليه عثمان ذلك، فدخلت الأمة بعدها طيلة تاريخها في نزاعات دامية تتمحور حول ولاية الأمر، وارتكبت الجرائم السياسية والدينية وشلت قدرات الأمة
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»