الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٤٩
حسب فريضة هذا النص، لكنه جعلها منوطة بإجماع العلماء مستندا في عصمتهم إلى آية أولي الأمر، ومعتبرا أن أولي الأمر هم أهل الإجماع في محاولة للربط بين هذا النص وما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) " لا تجمع أمتي على خطأ "، ليصبح أولوا الأمر الواجب طاعتهم والأمة التي لا تجمع على خطأ هم أهل الحل والعقد، وما من دليل على هذه الاعتبارات من عقل أو كتاب أو سنة، فلا ندري كيف يخول لنفسه تفسير أولي الأمر بأهل الإجماع، ولا كيف يتم الانتقال العجيب والربط الغريب. لكن هذا الإجماع في شأن الولاية العامة يبقى نظريا لا قيمة له عمليا، لتعذر تحققه نتيجة الإبهام الذي يعتور توصيف هذه الجهة المفترض إجماعها، خلافا للوضوح في تشخيص عصمة أولي الأمر ذاتهم بعصمة من الله لهم في وظيفتهم الإلهية المصدر والأهداف، والواقع يثبت أن إجماع الأمة لم يحدث في التاريخ يوما، ولا ندري هل سيحدث، بل لم يشترطه مجتهدوا جمهور العامة، ولعل ذلك لعلمهم بتعذره، بل اختصروا الإجماع والأمة بإجماع بعضها من العلماء أو أهل الحل والعقد، الذي هو في ذاته غير قابل للانعقاد ويفتقر إلى وضوح الحدود التي تعرفنا من هم جميعا، وهو على كل حال لم يحصل في أمر الخلافة أو فيما هو أدنى منها خطرا في يوم من الأيام. وبسبب تعذر هذا الانعقاد عمليا تجاوزه الاجتهاد ليتخذ منحنى مختلفا كليا ويعتبر كفاية بعض أهل الحل والعقد في عقد الخلافة، بل والقلة منهم، بل الواحد، ثم تجاوز ذلك لتصحيح الخلافة بالوصاية أو الاستيلاء والقهر.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»