إلى القبلة التي تكون موضوعا لحكمه في هذه الحال ومعلوم ان جواب الإمام عليه السلام بقوله ضع الجدي بين كتفيك أو على قفاك لا يظهر منه الا القبلة المأمور بها بالنسبة إلى حاله.
فان قلت إن مقتضى بعض الأخبار الواردة في الجدي جواز الانحراف القطعي عن الجهة الواقعية للقبلة بمقدار معتد به توضيح ذلك أن الرواية الامرة بوضع الجدي على القفا بقرينة كون الراوي وهو محمد بن مسلم عراقيا تدل على انها قبلة أهل العراق و لا شبهة ان أراضي العراق غير واقعة في طرف الشمال للكعبة حقيقة بل هي مائلة إلى الشرق ولذا جعل الأصحاب إحدى علائم أهل العراق ومن والاهم جعل الجدي محاذى خلف المنكب الأيمن ومقتضى الرواية المذكورة جواز التوجه إلى نقطة الجنوب ان أريد من لفظ القفا وسطه الحقيقي وان أريد منه الأعم كما هو الظاهر منه عرفا يلزم جواز الانحراف إلى المغرب وهكذا الكلام في الرواية الأخرى الدالة على جعل الجدي بين الكتفين في طريق مكة.
قلت لا باس بالالتزام بذلك بعد مساعدة الدليل ولو أغمضنا عن الروايتين الواردتين في الجدي فنقول استقبال الكعبة للبعيد الغير المتمكن من تعيين الجهة الحقيقية يصدق عرفا على استقبال السمت العرفي وهو عبارة عن قطعة خاصة يحتمل كل جزء منها ان يكون هي الجهة الواقعية ويقطع بعدم خروجها عن جميع اجزائها وليس هذا من باب الامتثال الاحتمالي لحكم الشارع المتعلق بالصلاة إلى القبلة حتى يستشكل بلزوم المخالفة القطعية الاجمالية فيما لو صلى الظهرين كلا منهما في جزء من تلك القطعة المفروضة مخالف لما صلى الأخرى فيه بل التفصيلية بالنسبة إلى العصر فإنها باطلة قطعا اما من جهة الاخلال بالقبلة واما من جهة عدم الترتيب بل الدعوى ان امتثال الامر بالصلاة إلى القبلة بالنسبة إلى البعيد العاجز عن تحصيل الجهة الواقعية اتيان الصلاة في أحد الاجزاء من القطعة المفروضة الا ترى ان العرف بعد ما سمع استحباب زيارة قبر الحسين عليه السلام من يعيد يتوجه إلى الجهة التي يعلم اجمالا اشتمالها على القبر الشريف حتى أن جماعة لو اشتغلوا بهذا العمل ترى كل واحد متوجها إلى جزء خاص من تلك الجهة مع أنه يصدق على كل واحد انه متوجه إلى القبر الشريف ويمكن حمل الروايتين الواردتين في الجدي على المعنى الذي