بهذا الرجز المتوهج:
يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة، وباردا شرابها والروم روم، قد دنا عذابها * كافرة بعيدة أنسابها علي إذ لاقيتها ضرابها وأدرك مقاتلو الروم مقدرة هذا الرجل الذي يقاتل، وكأنه جيش لجب...
وأحاطوا به في إصرار مجنون على قتله، وحوصر بهم حصارا لا منفذ فيه لنجاة..
وضربوا بالسيوف يمينه، وقبل أن تسقط الراية منها على الأرض تلقاها بشماله.. وضربوها هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه..
* * * وهكذا، صنع (جعفر) لنفسه موتة من أعظم موتات البشر..!!
وهكذا لقي ربه الكبير المتعال، مضمخا بفدائيته، مدثرا ببطولته..
وأنبأ العليم الخبير رسوله بمصير المعركة، وبمصير جعفر، فاستودعه الله، وبكى..
وقام إلى بيت ابن عمه، ودعا بأطفاله وبنيه، فتشممهم، وقبلهم، وذرفت عيناه...
ثم عاد إلى مجلسه، وأصحابه حافون به ينعى جعفرا، ووقف شاعر الإسلام (حسان بن ثابت) يرثي جعفرا ورفاقه:
غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سيم الظلامة، مجسر فطاعن حتى مال غير موسد * لمعترك فيه القنا يتكسر