ولما كفكف دموعه الهاطلة الغزيرة، التفت إلى مبعوثي قريش، وقال:
[إن هذا، والذي جاء به عيسى، ليخرج من مشكاة واحدة... انطلقا فلا والله، لا أسلمهم إليكما]...!!
انفض الجمع، وقد نصر الله عباده وآزرهم، بينما رزئ مندوبا قريش بهزيمة منكرة...
لكن (عمرو بن العاص) كان داهية واسع الحيلة، لا يتجرع الهزيمة، ولا يذعن لليأس بسهولة.
وهكذا لم يكد يعود مع صاحبه إلى نزلهما، حتى يفكر ويدبر، وقال لزميله:
" والله لأرجعن للنجاشي غدا، ولآتينه عنهم بما يستأصل خضراءهم "...
وأجابه صاحبه: " لا تفعل، فإن لهم أرحاما، وإن كانوا قد خالفونا "...
قال عمرو: " والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد، كبقية العباد "... هذه إذن هي المكيدة الجديدة التي دبرها مبعوث قريش للمسلمين.
* * * وفي الغداة أغذا السير إلى مقابلة الملك، وقال له عمرو:
" أيها الملك، إنهم ليقولون في عيسى قولا عظيما "...
واضطرب الأساقفة...
واهتاجتهم هذه العبارة القصيرة...
ونادوا بدعوة المسلمين - مرة أخرى - لسؤالهم عن موقف دينهم من المسيح...
وعلم المسلمون بالمؤامرة الجديدة، فجلسوا يتشاورون...