الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٥٥
شقراء فعقرها، أو عرقبها، فكان أول رجل عقر فرسه في الإسلام، ثم قاتل وهو يقول:
يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها * كافرة بعيدة أنسابها علي إذ لاقيتها ضرابها ثم هجم على الروم وقاتل قتال الأبطال، وأبلى بلاء حسنا حتى قطعت يده اليمنى فأخذ الراية بيده اليسرى، وقاتل إلى أن قطعت يده اليسرى أيضا فاعتنق الراية وضمها إلى صدره حتى قتل ووجد به نيف وسبعون - وقيل: نيف وثمانون - جرحا بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية سهم.
وقال البلاذري: قطعت يداه، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لقد أبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء مع الملائكة، ولذلك سمي بجعفر الطيار أو ذو الجناحين.
ثم أخذ الراية زيد بن حارثة، فقاتل حتى قتل طعنا بالرماح، ثم أخذ الراية من بعده عبد الله بن رواحة، وقاتل حتى قتل، وبعدها انهزم المسلمون أسوأ هزيمة وتراجعوا، فأخذ اللواء ثابت بن أرقم، ثم أعطاه خالد بن الوليد فحمل به ساعة، وجعل المشركون يحملون عليه، فلما رأى خالد جموعهم، انحاز بالمسلمين وانكشفوا راجعين.
قال الواقدي: وقد روي أن خالدا ثبت، والصحيح أنه انهزم بالناس حتى عيروا بالفرار وتشاءم الناس به، فلما سمع أهل المدينة بهم تلقوهم بالجرف، فجعلوا يحثون في وجوههم التراب ويقولون: يا فرار، أفررتم في سبيل الله، حتى أن الرجل منهم ينصرف إلى بيته وأهله فيدق عليهم فيأبون أن يفتحوا له الباب،
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»