الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٢
إسلامهم وكان في الجاهلية في مقدمة شبابها نضارة وجمالا وفتوة، ولد في نعمة متناهية، وغذي بها، وشب تحت خمائلها، ملبسا ومأكلا، ولعله لم يكن في فتيان مكة من ظفر بالنعمة، ودلال أبويه بمثل ما ظفر به (مصعب بن عمير).
كان حديث حسان مكة، ولؤلؤة ندواتها ومجالسها، وهل يمكن أن يتحول إلى أسطورة من أساطير الإيمان والفداء...؟؟ نعم، إنه واحد من أولئك الذين صاغهم الإسلام ورباهم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، وأي تربية هذه؟
إن قصة حياة مصعب بن عمير لشرف عظيم لأبناء جلدته، أو قل للإنسانية جمعاء.
وإليك قصة حياته:
لقد سمع هذا الفتى في أندية قومه بمكة أن محمدا الصادق الأمين، يقول إن الله أرسله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى عبادة الله الواحد الأحد، وأصبحت قريش وسائر المشركين في مكة لا هم لهم ولا شغل يشغلهم إلا الذي يبشر بالدين الجديد وبتوحيد الآلهة.
وكان مصعب بن عمير فتى قريش المدلل الأنيق، أكثر الناس استماعا وأكثرهم انجذابا لهذا الحدث، على رغم حداثة سنه، غير أن رجاحة عقله، وفطنته الفذة ساقته أكثر فأكثر للاندفاع والتأثير بالدعوة الجديدة.
لقد سمع فيمن سمع أن محمدا الصادق الأمين ومن آمن معه يجتمعون بعيدا عن عيون وفضول قريش وأذاها، في دار الأرقم بن أبي الأرقم - على الصفا - فلم يطل به الزمان ولا التردد، منتظرا حلول الظلام في المساء حتى دلف دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه.
فوجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أصحابه محيطين به يتلو عليهم من الآيات النازلة
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 1 2 3 4 5 6 7 ... » »»