لا يزالون بالحبشة من المهاجرين..
وافعم قلب الرسول عليه الصلاة والسلام بمقدمه غبطة، وسعادة، وبشرا...
وعانقه النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يقول:
[لا أدري بأيهما أنا أسر: بفتح خيبر... أم بقدوم جعفر..].
وركب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصحبه إلى مكة، حيث اعتمروا عمرة القضاء، وعادوا إلى المدينة، وقد امتلأت نفس (جعفر) روعة بما سمع من أنباء إخوانه المؤمنين الذين خاضوا مع النبي (صلى الله عليه وآله) غزوة (بدر) و (أحد)... وغيرهما من المشاهد والمغازي... وفاضت عيناه بالدمع على الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقضوا نحبهم شهداء أبرارا...
وطار فؤاده شوقا إلى الجنة، وأخذ يتحين فرصة الشهادة، ويترقب لحظتها المجيدة..!!
* * * وكانت (غزوة مؤتة) التي أسلفنا الحديث عنها، تتحرك راياتها في الأفق متأهبة للزحف، وللمسير...
ورأى (جعفر) في هذه الغزوة فرصة العمر، فإما أن يحقق فيها نصرا كبيرا لدين الله، وإما أن يظفر باستشهاد عظيم في سبيل الله...
ومضى يقاتل بها في إقدام خارق.. إقدام رجل لا يبحث عن النصر، بل عن الشهادة...
وتكاثر عليه وحوله مقاتلة الروم، ورأى فرسه تعوق حركته فاقتحم عنها فنزل، وراح يصوب سيفه ويسدده إلى نحور أعدائه كنقمة القدر.
وانطلق وسط صفوف الروم المتكالبة عليه يدمدم كالإعصار، وصوته يتعالى