الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٦٠
وذلك أن قريشا لم يهدئ من ثورتها، ولم يذهب من غيظها، ولم يطامن من أحقادها، هجرة المسلمين إلى الحبشة، بل خشيت أن يقوى هناك بأسهم، ويتكاثر جمعهم... وحتى إذا لم تؤاتهم فرصة التكاثر والقوة، فقد عز على كبريائها أن ينجو هؤلاء من نقمتها، ويفلتوا من قبضتها... ويظلوا هناك في مهاجرتهم أملا رحبا تهتز له نفس الرسول، وينشرح له صدر الإسلام.
هنالك قرر سادتها إرسال مبعوثين إلى النجاشي يحملان هدايا قريش النفيسة، ويحملان رجاءها في أن يخرج من بلاده هؤلاء الذين جاءوا إليها لائذين ومستجيرين...
وكان هذان المبعوثان: عبد الله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، من قبل المشركين.
* * * كان (النجاشي) الذي يجلس على عرش الحبشة، رجلا يحمل إيمانا مستنيرا... وكان في قرارة نفسه يعتنق مسيحية صافية واعية، بعيدة من الانحراف، نائية عن التعصب والانغلاق..
وكان ذكره يسبقه.. وسيرته العادلة، تنشر عبيرها في كل مكان بلغه..
من أجل هذا، اختار الرسول (صلى الله عليه وآله) بلاده دار هجرة لأصحابه..
ومن أجل هذا، خافت قريش ألا تبلغ لديه ما تريد فحملت مبعوثيها هدايا ضخمة للأساقفة، وكبار رجال الكنيسة هناك، وأوصى زعماء قريش مبعوثيهم ألا يقابلا النجاشي حتى يعطيا الهدايا للبطارقة أولا، وحتى يقنعاهم بوجهة نظرهما، ليكونوا لهما عونا عند النجاشي.
وحط المبعوثان رحالهما بالحبشة، وقابلا بها الزعماء الروحانيين كافة، ونثرا
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»