ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فأيهن أجابوك إليها فاقبل منهم واكفف عنهم، إلى آخر حديثه (1).
قال الواقدي: ومضى المسلمون فنزلوا وادي القرى وأقاموا به أياما وساروا حتى نزلوا بمؤتة وبلغهم أن هرقل ملك الروم قد نزل ماء من مياه البلقاء، في جيش من بني بكر وبهراء ولخم وجذام وغيرهم من الروم في مائة ألف مقاتل من العرب عليهم رجل من (بلى) يقال له مالك، فأقام المسلمون ليلتين ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنخبره الخبر، فإما أن يردنا أو يزيدنا، فشجعهم عبد الله بن رواحة وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة العدد، ولا كثرة سلاح، ولا كثرة خيل، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، انطلقوا فقاتلوا فقد والله رأيتنا يوم بدر وما معنا إلا فرسان، إنما هي إحدى الحسنيين إما الظهور عليهم فذاك ما وعدنا الله ورسوله، وليس لوعده خلف، وإما الشهادة. فاستجمع الناس على قوله.
قال ابن إسحاق: ثم مضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها (مشارف) ثم تقدم العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها: مؤتة، فالتقى الجمعان عندها.
قال ابن إسحاق في المغازي، وأبو فرج في مقاتل الطالبيين: وتعبأ المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من عذرة يقال له: قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له: عبادة أو عبادية بن مالك، فالتقى الناس فاقتتلوا وأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب وقاتل قتالا شديدا حتى إذا ألجمه القتال اقتحم عن فرس له