الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٥٣
والاعتبار يقضي ذلك، فلم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليؤمر عليهم غير جعفر، مع كفاءته وكونه أهلا للإمارة وتفوقه على الآخرين في الشجاعة والإخلاص، كما يدل عليه ما في الاستيعاب، لكنما أهل الأهواء من المؤرخين أو غيرهم يعز عليهم أن يقدم هذا الجيش أخو علي بن أبي طالب، فقدموا زيدا عليه، ولو أننا لا نبخس حق الشهيد زيد ومجده وعزه وقربه وشجاعته، وكذلك الشهيد عبد الله بن رواحة.
ولكن لجعفر ميزات في نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) لا يضاهيها غيره.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل لي جعفر، وزيد، وابن رواحة في خيمة من در كل واحد منهم على سرير، فرأيت زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدودا، ورأيت جعفر مستقيما ليس فيه صدود، قال: فسألت، أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت أعرضا أو كأنهما صدا بوجوههما، وأما جعفر فإنه لم يفعل.
ومع ذلك فيقول ابن أبي الحديد: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة كان هو الأمير الأول، فإن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، قال: وأنكرت الشيعة ذلك وقالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول، فإن قتل فزيد، فإن قتل فعبد الله، ورووا في ذلك روايات وقد وجدت في الأشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي ما يشهد لقولهم، ثم ذكر ابن أبي الحديد قصيدة حسان وأبيات كعب التي مرت، وهي تشير إلى أن القائد الأول جعفر.
وقال الواقدي: ودفع اللواء إلى أميرهم، وهو لواء أبيض، ومشى الناس إلى جعفر وأصحابه يودعونهم وكانوا ثلاثة آلاف.
وروى الواقدي بسنده: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج مشيعا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع، وإنه خطبهم وأوصاهم فقال: أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا، اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»