النواة الأولى لدعاة الإسلام في بلد يؤمن بالنصرانية، وقد ترامى إلى أسماع قريش أن بعض آثارها تبشر بظهور نبي عربي، وخشيت أن يوجه المسلمون نشاطهم إلى تلك البلاد فيبشرون بالإسلام فيها، ويصبحون قوة لا طاقة لهم بها، وقريش تعرف وتعلم أن للإسلام قواعده وقوته وتأثيره على النفوس.
عز على قريش أن يجد المهاجرون الفارون بدينهم من عذابها الأمان وطيب الإقامة، فأغرتهم كراهيتهم للإسلام أن يبعثوا وفدا من شياطين قريش (1) مزودا بالهدايا والتحف للنجاشي والبطارقة وحاشيته، وكان الوفد مؤلفا من عمرو بن العاص، وعبد الله بن ربيعة، وعمارة بن الوليد بن المغيرة، كما نص على ذلك جماعة من المؤرخين في السير.
وقد حدثت فيما بينهم في الطريق وفي الحبشة مسائل لا أخلاقية، يترفع الإنسان عن ذكرها، راجع السير لتكشف عن جيف تزكم الأنوف (2)، وللتأريخ وكشف الحقائق نذكر جانبا منها فيما بعد.
وقد ذكر المؤلفون في السيرة عن أم المؤمنين أم سلمة (3)، وكانت من المسلمات