المهاجرات إلى أرض الحبشة مع زوجها أبو سلمة يوم ذاك، قالت: إن وفد قريش خرج من مكة وقدم على النجاشي في أرض الحبشة، ونحن عنده بخير دار عند خير جار، فوزع الهدايا التي جاء بها على البطارقة وحاشية الملك، وقالوا لكل من أهدوا إليه شيئا: قد لجأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين آبائهم وقومهم ولم يدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا فيهم أشراف قومهم إلى الملك ليردوهم إليهم، فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم، فإن قومهم أعرف بهم وأعلم بما عابوا عليهم، فوعدهم البطارقة والحاشية خيرا.
ثم إنهم قدموا إلى الملك هديته فقبلها منهم، ثم تحدثوا معه بالمهمة التي جاؤوا من أجلها بما تحدثوا به مع بطارقته وحواشيه، ورجح البطارقة للملك أن يسلمهم اللاجئين ويردهم إلى قومهم وبلادهم، فلم يستجب لهم النجاشي وقال: والله لا أصنع شيئا حتى أدعوهم وأنظر في أمرهم، فإن كانوا كما يقولون سلمتهم لهم، وإن كانوا على غير ذلك أحسنت جوارهم ما داموا في جواري.
وأرسل النجاشي إلى المسلمين واستدعاهم إليه، فلما حضروا مجلسه اتجه إليهم وقال: ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم؟ ولم تدخلوا في ديننا ولا في دين أحد هذه الملل؟
فتولى الجواب عن المسلمين جعفر بن أبي طالب.
فقال جعفر: أيها الملك، سلهم: أعبيد لهم نحن؟
قالوا: لا.
فقال الملك: ألكم عليهم دين؟
قالوا: لا.