أو أكثر في أمن وأمان يمارسون فيها أمور دينهم، ويعبدون ربهم بحرية، ولا يخشون أحدا، ولا يسمعون ما يكرهون، في ظل ملك عادل، يتوجه برعيته حيث يوجهه رشده وإنصافه ومصلحة بلاده.
والتحقت القافلة الثانية من المهاجرين بهم، وهذه المرة كانت أوسع من سابقتها، فقد بلغوا سبعة وثمانين رجلا وامرأة، منهم خمسة وسبعون رجلا واثنتا عشرة امرأة، ويسر الله لهم أسباب الهجرة بواسطة السفن التي كانت في طريقها من شواطئ جدة إلى سواحل أرض الحبشة.
وكان عليهم هذه المرة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)، ومعه زوجته أسماء بنت عميس، وكان معهم من وجوه المسلمين الذين ينتمون إلى قريش وغيرهم، ولم يكن غيره من بني هاشم، وقد وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتابا إلى ملك الحبشة مع عمر ابن أبي أمية الضمري، والتي جاء فيها ما معناه:
من محمد رسول الله، إلى النجاشي عظيم الحبشة - إلى أن قال -: " قد بعثت إليكم ابن عمي جعفر بن أبي طالب، معه نفر من المسلمين، فإذا جاؤوك فأقرهم...
إلى آخر الكتاب.
وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن إسحاق أن أبا طالب قال أبياتا للنجاشي يحضه على حسن جوار المسلمين والدفع عنهم، [ويدعوه إلى الإسلام ونصرة النبي]:
ليعلم مليك الحبش أن محمدا * نبي كموسى والمسيح بن مريم أتانا بهدي مثل ما أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم وإنكم تتلونه في كتابكم * بصدق حديث لا حديث المبرجم وإنك ما تأتيك منا عصابة * بفضلك إلا عادوا بالتكرم