الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٧ - الصفحة ٤٦
فقال: هل قتلوا منكم قتيلا؟
قالوا: لا.
فقال ما معناه: إذا ما لكم عليهم شئ، فخلوا سبيلهم.
فقال جعفر: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسئ الجوار، ويظلم القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفته، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الإمامة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والصيام وأداء الزكاة. ومضى جعفر بن أبي طالب يحدثه عن أصول الإسلام وفروعه، إلى أن قال: فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله تعالى، فلم نشرك بالله، وأحللنا ما أحل لنا، وحرمنا ما حرم علينا، فعدا علينا قومنا وعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأصنام والأوثان من دون الله، ولنستحل ما كنا نستحله من الخبائث، فلما ضيقوا علينا وعذبونا وقهرونا خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.
فقال النجاشي: هل معك شئ مما جاء به من الله؟
فقال جعفر: نعم.
قال: فاقرأه علي. فقرأ عليه شيئا من سورة الكهف.
فبكى النجاشي، وبكى معه الأساقفة، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»