ذلك يطلقون على أنفسهم اسم (الإسماعيليين) ويصرون عليه، ثم زالت الدولة الفاطمية، وبقيت لهؤلاء المنشقين دولة بعد الفاطميين في (الموت) ظلت تصر على الانتساب إلى (الإسماعيلية) وتحمل اسمها، وبقيت وحدها في الميدان فصالت بهذا الاسم وجالت. في حين أنه لم يبق من الدولة الفاطمية إلا بقايا جماعة مشتتة، تجمع معظمها في الهند. وللتخلص من اسم (الإسماعيلية) الذي تشوه بعقائد المنشقين أطلقوا على أنفسهم اسما جديدا هو اسم (البهرة) وأصبح الواحد منهم يقول عن نفسه: (بهري) لا (إسماعيلي) حذرا من أن تنسب إليه العقائد التي أخرجتها الإسماعيلية المنشقة عن مسيرها الأول السليم، وأصبحت شيئا مستقلا.
فاستغل مزيفو التاريخ الحاقدون على كل حقيقة ناصعة هذا الوضع، ورأوا في انتساب الدولة الفاطمية إلى المذهب الإسماعيلي فرصتهم الثمينة في إلصاق العقيدة المنشقة بالفاطميين لأنها تحمل هي الأخرى اسم (الإسماعيلية). في حين لم يكابد الفاطميون وعقيدتهم من أحد مثل الذي كابدوه من هؤلاء المنشقين الذين جاهروهم بالعداء، ونصبوا لهم المكائد في كل مكان. واغتالوا بعض خلفائهم، وكانوا أشد الناس عليهم حربا لا هوادة فيها.
فكيف جرت هذه الأحداث وكيف حصل الانشقاق، وما هي الحقيقة التي جهد الجاهدون في طمسها تضليلا لذوي البصائر، وتعصبا على الفاطميين؟
هذا ما نحاول أن نتحدث عنه بجل ما نستطيعه من الإيجاز، مضافا إلى ما تحدثنا عنه من قبل وإن لزم بعض التكرار.
الانشقاق: بدأ الانشقاق بعد وفاة الخليفة الفاطمي المستنصر (427 - 487 ه)، ذلك أنه تولى الخلافة بعد المستنصر ولده أبو القاسم أحمد.
ولكن أحمد هذا لم يكن الابن الأكبر للخليفة، ولا كان هو المؤهل لولاية العهد بنظر الإسماعيليين بل كان المؤهل لها بنظرهم أخوه الولد الآخر (نزار)، ويرون أن الخليفة المستنصر عهد إلى نزار بولاية العهد فعلا وأخذ البيعة له خلال مرضه إلا أن وزير الخليفة الأفضل بن بدر الجمالي أخذ يماطل بذلك ليحول