من القوم الماكرين لم تجر بذلك له عادة، وصحبه أحد المستجيبين للدعوة الهدية، فجلسا هنيهة، وأخرج الرجل من كمه نسخة الهداية الواردة من المقام الأشرف، وأن تلك النسخة كانت عند المستجيب، وخص ذلك الرجل بسماعه إياها، وأن الرجل لما وقف على مضمونها اشتبه عليه أمره وضاق بها ذرعا، وحملته تلك الحال إلى أن مضى بتلك النسخة إلى طاغوته، فطلب منه جوابها وخلاص مشكلاتها، فأجابه على ذلك في آخر الهداية، إذ كان البياض يسع الجواب، بهذه الفصول ".
ثم يلي ذلك رد النزاريين على (الهداية). ويبدو جليا أن الرد كان - بالرغم من إيجازه - إذ لم يتجاوز الصفحة الواحدة من كتاب " مجموعة الوثائق الفاطمية " - كان هو النص الكامل للرد. كما يبدو ذلك من الرد الفاطمي، بأن جواب النزاريين على رد الفاطميين كان على ما بقي من بياض من نسخة (الهداية). وبذلك يكون النزاريون لم يردوا على وصفهم بالحشيشية، بل مروا به مرور الكرام، وهذا يدل على أنهم لم يفهموا منه اتهامهم بتعاطي الحشيش، بل فهموا منه ما استنتجه الدكتور الشيال:
" أنهم إنما كانوا يخرفون كما يخرف الحشيشية ".
ولو فهموه غير هذا الفهم، ولو فسروه بأنه اتهام لهم بتعاطي الحشيش لما سكتوا عن الرد على هذا الاتهام.
ورد النزاريون على هذا الرد، فرد الفاطميون برسالة أوردوا فيها وصفهم للنزاريين بالحشيشية مرة ثانية، إذ جاء فيها: " وقد وقفت يا أبناء الدعوة على ما سطرتموه في كتابكم من جواب الحشيشية - هداها الله وأصلحها - عما تضمنته الهداية... ".
وكان تاريخ هذا الرد الأخير 27 ذي الحجة دون ذكر السنة، وقد حدد الدكتور الشيال السنة استنتاجا وهي: سنة 516 ه.
وبهذا الرد ينتهي ما وصل إلينا من وثائق في هذا الموضوع، إذ إن الكتاب