الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٥٢
ما تحكمه الإمارة الأغلبية بل كانت عاصمة إمارة بني مدرار وهم خوارج صفرية (1) وإمارتهم مستقلة سياسيا ومذهبيا عن العباسيين وعن أتباعهم الأغالبة في إفريقيا، وربما كان هذا هو السبب في اختيار المهدي لها.
لذلك لم يكن لزيادة الله حكم على ابن مدرار فيأمره بالقبض على الرجل المشتبه بأنه عبد الله المهدي الذي هو في عقيدته ودعوته أعدى أعداء الخوار ج، وإنما نبهه إلى حاله، وكان ذلك كافيا لإقدام ابن مدرار على سجنه.
وتوالت انتصارات أبي عبد الله ففتح مدينة ميلة ومدينة سطيف وغيرهما، فهال ذلك زيادة الله فراح يجمع العساكر ويبذل الأموال فتكون له جيش كبير ولى قيادته أحد أقربائه المسمى إبراهيم بن خنيش، وكان - على حد تعبير ابن الأثير - لا يعرف الحرب!.
وماذا تغني كثرة الجند إذا كانت القيادة جاهلة لا كفاءة لها، لذلك فإن

(1) الخوارج الصفرية هم أتباع ابن الصفار، وهم فرقة من الخوارج تقابل: (الأزارقة) و (الأباضية) وغيرهما.
ينقل صاحب العقود الفضية الأباضي عن ابن الأثير والمبرد، ذكر خروج الخوارج إلى مكة لمنعها من أهل الشام وفيهم عبد الله بن أباض، ثم افتراقهم بعد ذلك فيما بينهم وأن نافع بن الأزرق الذي ينسب الخوارج الأزارقة إليه كتب إلى ابن الصفار وعبد الله بن أباض الذي ينسب الخوارج الأباضية إليه، يدعوهما ومن معهما إلى معتقده، فقرأ ابن الصفار الكتاب ولم يقرأه على أصحابه خشية أن يتفرقوا ويختلفوا. اه‍.
والخوارج بصورة عامة اتجهوا إلى شمال إفريقيا بعد الذي عانوه في المشرق خلال ثوراتهم المتكررة، وكان دخول مذهبهم إلى المغرب في النصف الأول من المئة الثانية للهجرة، وكان الذين حملوه إلى هناك من الصفرية والأباضية فتلقفه البربر وساد فيهم لكثرة ما عانوه من جور الحكام الأمويين والعباسيين، فوجدوا في هذا المذهب وسيلة للخروج على الحكام والثورة بهم حتى لقد قيل إنه أصبح المذهب القومي لهم. وما كاد القرن الثاني الهجري ينتصف حتى كان الأباضيون قد استطاعوا نشر مذهبهم في أغلب المغرب الأدنى والمغرب الأوسط، وصارت الأباضية منتشرة في معظم ليبيا وجنوب تونس إلى شمال قفصة وأغلب المغرب الأوسط (الجزائر) من شرقي مدينة مليانة إلى غرب وهران. وكان يقابلها الخوارج الصفرية الذين تمركزوا في مناطق أخرى.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»