وإن كان المعز قد وضع نواة الحضارة الفاطمية في مصر فقد تعهد العزيز بالله غرس أبيه حتى نما وترعرع ونضج وأتى بالثمار المرجوة. ويجمع المؤرخون على امتداع العزيز بالله في أخلاقه وعقله وسياسته وتسامحه... وقد تميزت حكومته بأنها حكومة رشيدة عادلة منظمة اكتملت بها النظم الحكومية التي وضع أسسها المعز وتبلورت حتى ظهرت في صورتها الكاملة الناضجة، حيث حدد الخليفة المعز واجبات الخليفة بحيث تدور كلها حول إصلاح الرعية وحمايتهم من أعدائهم فقال: " للناس شغل بدنياهم وما يتلذذون به منها، وشغلنا إقامة دورهم وإصلاح أحوالهم والنظر فيما يعود عليهم ويحمي حماهم ويدفع عن بيضتهم ويحقن دماءهم ويحصن حريمهم وأموالهم ويكف أيدي المتوالين. بذلك نقطع ليلنا ونهارنا والله المستعان على ما قلدناه من أمورهم وافتراضه علينا من القيام بأسبابهم ونرغب إليه في إصلاحهم وهدايتهم إلى ما فيه حظهم ونجاتهم في دنيا هم وأخراهم ".
* * * وينقل عن الدكتور محمد حمدي المنياوي في كتابه (الوزارة والوزراء في العصر الفاطمي، ص 38) قوله:
ولا شك أنه تحت حكم الفاطميين عموما لقي غير المسلمين معاملة طيبة، وكانت مناصب الدولة حقا لكل من توافرت لديه الكفاء اللازمة دون أي دخل لمعتقد أو مذهب.
وينقل عن الدكتور عبد اللطيف حمزة في كتابه: (الحركة الفكرية في مصر)، ص 57 قوله:
والحق أن الفاطميين كانوا من الحذق والمهارة بحيث استطاعوا أن يلفتوا إليهم نظر الشعب المصري لفتا قويا وأن يشعروه بعظمة الحكم الفاطمي وكرم رجاله إلى الحد الذي لم يتعرف له مصر نظيرا قبل مجئ هذه الدولة * * *