الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٥٤
وجيش الجيوش، ولكنه عدل عن البروز بنفسه لنصيحة وجوه دولته، واختار لقيادة الجيش أحد بني عمه: إبراهيم بن أبي الأغلب وكان رجلا شجاعا.
ولما علم أبو عبد الله بأمر الجيش بادر إلى احتلال (باغاية) و (مجانة) و (بتغاش)، فعند ذلك جاءه رؤساء القبائل يطلبون منه الأمان فأمنهم، وواصل احتلال المدن فاحتل (مسكيانة) و (تبسة) و (مدبرة) و (قمودة) وكان إبراهيم بن أبي غالب ينزل بجيشه في (الأربس) فبلغه أن أبا عبد الله يريد التوجه إلى زيادة الله في رقادة، ولم يكن قد بقي لدي زيادة الله سوى قوة قليلة، فخرج إبراهيم من الأربس، وفي (دردمين) اشتبكت سرية من جيش إبراهيم مع سرية من جيش أبي عبد الله فانهزمت هذه، ولما استبطأ أبو عبد الله رجوعها خرج بجميع عساكره فاستنقذ سريته.
ثم استولى على قسطية وقفصة، ورجع إلى (باغاية) فترك فيها جيشا وعاد إلى جبل انجان. فسار إبراهيم إلى باغاية فقاتله الجيش الذي فهيا. وبلغ الخبر أبا عبد الله فسار إلى أناجد باغاية، فلما علم بذلك إبراهيم تركها عائدا الأربس.
وجاء الربيع، وطاب الزمان - كما يقول ابن الأثير - وكان أبو عبد الله قد استطاع جمع جيش بلغ عدد رجاله مئتي ألف ما بين فارس وراجل، واجتمعت جيوش زيادة الله في الأربس بقيادة إبراهيم بن أبي الأغلب بعدد لا يحصى - كما يقول ابن الأثير.
وسار أبو عبد الله في أول جمادى الآخر سنة 296 ه‍ فالتقى بابن أبي الأغلب في معارك طاحنة امتدت حتى أواخر جمادى الآخرة حيث كانت الواقعة الكبرى التي انتهت بهزيمة الجيش الأغلبي هزيمة كاسحة.
فلما بلغ خبر الهزيمة زيادة الله هرب إلى مصر (1) أما إبراهيم بن أبي الأغلب

(1) ومن مصر قصد بغداد فمر بالرقة فاستوقفه الوزير ابن الفرات مدة سنة واستأذن فيه المقتدر العباسي فأمر برده إلى المغرب، فعاد إلى مصر فمرض فقصد بيت المقدس فمات بالرملة.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»