فقد رأي بعضهم قتل السجناء، ورأي البعض الآخر الإبقاء عليهم والاحسان إليهم ليكون ذلك يدا عند أبي عبد الله، ورأى فريق ثالث أن يطلق جميع السجناء فردا فردا ويتركوا لحال سبيلهم.
ولكن الأمر انتهى بفرار ابن مدرار نفسه من سجلماسة قبل البت في الأمر، إذ يبدو أن مفاجأة أبي عبد الله بقواه أذهلته عن كل شئ فلم يبق في ذهنه إلا النجاة بنفسه!.
وهنا تختلف أقوال المؤرخين فبعضهم يرى أنه بمجرد علمه بنبأ الزحف الحاشد إليه فر برجاله إلى الصحراء، وبعض يرى أن حربا عنيفة بين رجاله ورجال أبي عبد الله استمرت يومي السبت والأحد من أوائل شهر ذي الحجة سنة 296 ه انتهت بفتح سجلماسة عنوة وفرار إليسع ورجاله ليلا إلى الصحراء.
وقبل ذلك عندما سمع أبو عبد الله بسجن المهدي وابنه شق ذلك عليه فأرسل إلى إليسع يداريه ويقول أنه لا يقصد حربه وأنه يريد مقابلته وأنه سيلقى منه كل خير، ولكن إليسع رمى الكتاب وقتل الرسل، فعاد أبو عبد الله إلى ملاطفته خوفا على عبد الله المهدي، ولكن إليسع قتل الرسول الجديد...
وإن الإنسان ليعجب من هذا التصرف ولا يدري أي شئ كان يعول ابن مدرار في شدته هذه التي تكاد تكون أقرب إلى الحمق والنزق منها إلى تصرف الحاكم العاقل المدبر!..
فبينما هو يمتنع عن قتل سجنائه ليكون في ذلك يد له عند أبي عبد الله إذا صح أن بين السجناء من يقاتل أبو عبد الله من أحله إذا به يقتل رسل أبي عبد الله في الوقت الذي كان هذا قد صار على أبواب سجلماسة!.
يقول ابن الأثير بعد أن تحدث عن قتل الرسول: " فأسرع أبو عبد الله في السير ونزل عليه فخرج إليه إليسع وقاتله يومه ذلك وافترقوا، فلما جنهم الليل هرب إليسع وأصحابه مع أهله وبني عمه، وبات أبو عبد الله ومن معه في غم عظيم لا يعلمون ما صنع بالمهدي وولدي، فلما أصبح خرج إليه أهل البلد وأعلموا بهرب