" وكان المهدي لما لحق أصحابه رأي ابنه أبا القاسم قد ضيع كلبا كان له يصيد به وهو يبكي، فعرفه عبيدة أنهم تركوه في البستان الذي كانوا فيه، فرجع المهدي بسبب الكلب حتى دخل البستان ومعه عبيده، فرآهم النوشري فسأل عنهم فقيل: إنه فلان وقد عاد بسبب كذا وكذا. فقال النوشري لأصحابه: قبحكم الله، أردتم أن تحملوني على قتل هذا حتى آخذه، فلو كان يطلب ما يقال: أو كان مريبا لكان يطوي المراحل ويخفي نفسه وما كان رجع في طلب كلب، وتركه!... ".
" وجد المهدي في الهرب فلحقه لصوص بموضع يقال له الطاحونة فأخذوا بعض متابعه، وكانت عنده كتب وملاحم لآبائه فأخذت فعظم أمرها عليه، فيقال إنه لما خرج ابنه أبو القاسم في لمرة الأولى إلى الديار المصرية أخذها من ذلك المكان ".
هذا النص الذي ذكره ابن الأثير يدل على أن الرجل كان إلى جانب حذقه السياسي - رجل علم يجمع الكتب كما يجمع المال والسلاح، ويحرص على حمل الكتب في حله وترحاله مثلما يحرص على حمل المال وتقلد السلاح، وأنه لا يعظم عليه سلبه المال أو بذله، بل يعظم عليه سلبه الكتب... (1).