الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٤٨
" وكان المهدي لما لحق أصحابه رأي ابنه أبا القاسم قد ضيع كلبا كان له يصيد به وهو يبكي، فعرفه عبيدة أنهم تركوه في البستان الذي كانوا فيه، فرجع المهدي بسبب الكلب حتى دخل البستان ومعه عبيده، فرآهم النوشري فسأل عنهم فقيل: إنه فلان وقد عاد بسبب كذا وكذا. فقال النوشري لأصحابه: قبحكم الله، أردتم أن تحملوني على قتل هذا حتى آخذه، فلو كان يطلب ما يقال: أو كان مريبا لكان يطوي المراحل ويخفي نفسه وما كان رجع في طلب كلب، وتركه!... ".
" وجد المهدي في الهرب فلحقه لصوص بموضع يقال له الطاحونة فأخذوا بعض متابعه، وكانت عنده كتب وملاحم لآبائه فأخذت فعظم أمرها عليه، فيقال إنه لما خرج ابنه أبو القاسم في لمرة الأولى إلى الديار المصرية أخذها من ذلك المكان ".
هذا النص الذي ذكره ابن الأثير يدل على أن الرجل كان إلى جانب حذقه السياسي - رجل علم يجمع الكتب كما يجمع المال والسلاح، ويحرص على حمل الكتب في حله وترحاله مثلما يحرص على حمل المال وتقلد السلاح، وأنه لا يعظم عليه سلبه المال أو بذله، بل يعظم عليه سلبه الكتب... (1).

(1) كان بعض الخلفاء الفاطميين إلى علمهم: شعراء فمن شعر الخليفة الفاطمي الثالث المنصور بالله قوله:
ألم ترني بعت المقامة بالسري * ولين الحشايا بالخيول الضوامر وفتيان صدق لا ضغائن بينهم * يثورون ثورات الأسود الخوادر أروني فتى يغني غنائي ومشهدي * إذا رهج الوادي لوقع لحوافر أنا الطاهر المنصور من نسل أحمد * بسيفي أقد الهام تحت المغافر ومن شعره ما أرسله إلى ولده المعز لدين الله، والمنصور بعيد يطارد أبا يزيد الخارجي:
كتابي إليك من أقصى الغروب * وشوقي شديد عريض طويل أجوب القفاري وأطوي الرمال * وأحمل نفسي على كل هول أريد بذاك رضاء الإله * وإعزاز دولة آل الرسول إلى أن بري أجسامنا * وكل الركاب وتاه الدليل فواغربتاه وواوحشتاه * وفي الله هذا قليل قليل وقد من ذو العرش من فضله * بفتح مبين وعز جليل وفي كل يوم من الله لي * عطاء جديد وصنع جميل فلله حمد على ما قد قضى * وحسبي ربي ونعم الوكيل وينسب صاحب كتاب (النجوم الزاهرة) إلى الحاكم بأمر الله هذين البيتين:
دع اللوم عني لست مني بموثق * فلا بد لي من صدمة المتحنق وأسقي جيادي من فرات ودجلة * وأجمع شمل الدين بعد التفرق ولكنه يعود فينسبهما إلى الآمر.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»