الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٠٣
ولكن شيئا فريدا كان في هذه القرية، شيئا جعلها تقفز في بعض حياتها من تلك القرون البعيدة إلى أواخر هذا القرن.
فإن ابنا بارا من أبنائها هو السيد ناصر القوامي لم ينسها وهو يتقدم في مناصب الدين والدنيا فأنشأ فهيا مستوصفا يكاد يكون مستشفى مجانيا بمداواته وأدويته.
وتلاتر ذات الخمسمائة النفس من السكان، من أبنائها في الجامعة اليوم خمسة عشر طالبا.
جنة خارود وفي الضحى كنا نقصد بالسيارة في طريق وعر يرج الأجساد رجا منطقة (خارود)، التي تبعد عن (تلاتر) أكثر من خمسة كيلو مترات لم تستطع السيارة اجتيازها كلها، فمشينا صعودا في الجبل، صعدوا كنا ندوس فهي أحيانا في قلب الماء الجاري، وأخيرا توقفنا مرهقين وجلسنا عند الينابيع الغزيرة بين الخرير والظلال والنسيم.
وبرغم روعة ما نحن فيه، كان ذلك فرعا من أصل هو مكان تفجر الماء من بين الصخور في قلب الجبل، على خطوات منا فمشينا إليه مجتهدين، ووصلنا متعبين، وأخذنا نكرع من مائه العذب الزلال البارد.
إذا كان حسن الصباح قائدا حازما وثائرا شديد المراس، فلا شك أنه كان إلى ذلك شاعري الطبع، فهو حين اختار لمستقره تلك الجبال التي لا تطولها أيدي الجيوش مهما امتدت واستطاعت، فإنه لم يختر ذلك اعتباطا، ولم ينزله مصادفة، بل جمع عامدا شدة الصخر في القمة الجافة الغليظة، إلى رقة الصخر في الينبوع الدافق الفوار.
ولو صح ما زعمه الزاعمون من اصطناع الصباح لجنة يغري بها أتباعه، لما
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»