الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٠٠
ولا حت في الوادي قرية (بهرام آباد)، واجتازتنا حافلة صاعدة من حيث نهبط، ثم سيارة صاعدة، ثم سيارة (سيشن) محملة بالحطب صاعدة.
وبدأ أننا على مشارف تبدل الحياة هنا، وأن الحركة بدأت تمور مورانها الطبيعي إن لم يكن كاملا فهي على كل حال حركة كنا نفتقد مثلها من قبل.
وبدت قرى الوادي متناثرة بخضرتها اليانعة، خضرة أشجار وزروع، ودنونا من الوادي وظهرت (بهرام آباد) واضحة أمامنا، ثم صرنا في قلب الوادي إلى جانب بهرام آباد التي بدت قرية بدائية ببيوت طينية هامدة.
نحن الآن بين حقول (الرز) المنتشرة في هذا الوادي الخصيب، وكان زارعوه يخضون الماء لغرسه. فهذا الوادي هو من أكبر منابت (الرز)، ثم عبرنا جسرا على نهر (شاهرود) الذي يمد هذه الأرض بالحياة من مائه الدافق فيها، ومضينا نشاهد منظرين: منظر الرز مزروعا ومنظر القمح محصودا. وكانت الحمير تنقل حصيد القمح من حقوله إلى حيث يفصل بين القش والحب.
وأوغلنا في جانب الوادي سائرين على أطراف قاعدة الجبل حيث بدت لنا غابة خضراء كثيفة الأشجار الشامخة المتسلسلة إلى أبعد من البعيد.
قديم وجديد وألوان وإذا كانت الحقيقة في حياة مملكة حسن الصبح تجلت حيال (رازميان)، حقيقة الحياة التي يرفدها العزم الصارم في قمة الجبل والزند الحازم في غور الوادي، فها هي هنا أكثر تجليا في هذا السهد المنبسط واديا بين السلسلتين الهائلتين، حيث حصيد القمح وغريس الرز وتكاثف الغابة وهدير النهر. وحيث الجبل المتمادي علوا تدبر فيه الأمور وتحبك حبائل الخير والشرور.
ومضينا صعدا نمر بينابيع مياه وغابات أشجار، ولما أوغلنا في الصعود صرنا في جبال جرداء عجيبة، فهي طورا صفراء وطورا بيضاء وطورا سمراء، ثم أطلت قرية (برود) محوطة بالبساتين في قلب الوادي الذي عدنا إلى السير فيه، فإذا
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»