الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٩٢
باق بها حظ العيون وإنما * لاحظ فيها اليوم للآذان فإنه لاحظ لعيون من يمر على أطلال (الموت)، إذا كان المقصود أطلال ما خلف الماضون، ولكن حظ العيون للمتطلع من قمة الموت هو حظ كبير، إذا كان المقصود بذلك ما أضفى الله من الروعة والجلال على ما حولها مما تعالى أو انحدر أو انبسط.
على أنك مهما انفعلت بالطبيعة ومشاهدها لا تستطيع إلا أن تردد قول الشاعر الآخر:
مرابع إن تلمم بها بعد عزها رأيت دبيب الموت من كل جانب وأمر قرية (كازرخان) وريثة الموت أمر يدعو إلى التأمل، وإذا كانت القرية لم تقم على القمة، بل على السفح لأن الكازرخانيين حين قرروا الإقامة هنا لم يكن في ذهنهم عدو يهاجمهم فيمتنعون منه بالقمة، ولا هم فكروا باستعداء الناس، لذلك آثروا النزول هنا على الماء الجاري في سفحهم المعشب.
وأنا لا أعرف شيئا عن الماضي الكازرخانيين، وعن تاريخ حلولهم في هذه القرية، فلربما كانوا ممن سلم من مذابح المغول في القلعة، فهم من سلالة النزاريين الذين نجوا بأنفسهم، ثم آثروا الإقامة غير بعيد عن مقامهم الأول.
لم تتسن لي محادثتهم واستطلاع شؤونهم لأننا كنا معجلين في العودة ولقد كانوا كراما فأعدوا لنا غداء سخيا تناولناه بعد الإياب من القلعة، كما أنه كان منهم صاحب (الحمارة) التي استأجرناها لصعود الجبل.
على أن الأكيد أن عقيدتهم ليست العقيدة الإسماعيلية النزارية، بل هم شيعة جعفريون. وهم منعزلون بعض الانعزال عن العالم وقلما تصل سيارة إلى قريتهم لوعورة الطريق الذي لا يمكن أن تقطعه إلا سيارات من نوع قوي غير عادي. لذلك رأينا تجمهر الأطفال عند سماعهم أزيز السيارة، بل تجمهر بعض الرجال، لأن
(١٩٢)
مفاتيح البحث: الموت (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»