فيشق الجماعة الواحدة إلى جماعتين، ويحول الدولة إلى دولتين، ويعود الأمر إلى كارثة.
وإذا كنت لا أوفر حسن الصباح من التقريع، فإنني لا أذكر بالخير مزوري التاريخ، العابثين به، المفترين على رجاله.
هؤلاء جعلوا من حسن الصباح (زارع حشيشة)، ومن رجاله (حشاشين)، وتفننوا في هذه الأقاويل ما شاء لهم التفنن، وظلوا يتفننون وسيظلون يتفننون.
وكان من أهداف رحلتي الوصول إلى الحقيقة في هذا الأمر (1)، وكنت من قبل التقطت الخيط الذي يمكن أن يوصل إليها وذلك أنني رأيت أن أهم ما تجب معرفته هو الزمن الذي بدئ فيه بنسبة الإسماعيليين النزاريين إلى الحشيش، ومن هو أول من نسبهم إليه، فإذا بي أكتشف أنهم لم يلقبوا أول الأمر بحشاشين، بل لقبوا بحشيشة، ثم طور المطورون هذا اللقب إلى (حشاشين).
وكان الاكتشاف الغريب أن الذين أطلقوا عليهم هذا اللقب (الحشيشية) هم الإسماعيليون الفاطميون الذين انفصل عنهم الإسماعيليون النزاريون وبادروهم بالعداء واغتالوا خليفتهم (الآمر)، وحوروا العقيدة المستقيمة.
ثم استمر الصراع محتدما بمختلف وسائله، ومنها الإعلامية بإمكانيات ذلك العصر. فكان النزاريون يوزعون بيانات تبين فساد خلافة أحمد المستعلي، ومن تلاه ويمكن أن يتلوه، فيرد المستعليون على البيان ببيان وعلى الأدلة بأدلة.
فمن ذلك أن الخليفة الآمر بأحكام الله أصدر رسالة باسم (الهداية الآمرية في أبطال الدنيوي النزارية). فرد عليها النزاريون، فرد المستعليون على الرد برسالة جاء فيها: " ولما صدرت هذه الهداية عن حضرة سيدنا ومولانا أبي علي الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين.. أشرق بها نور الحق المبين وعمت بركتها جميع أهل الدين ".
ثم تقول الرسالة: " ولما وصلت إلى دمشق ووقف عليها نفر من جماعة