الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٠٢
أما هم فإن ما يشغلهم هو الابيضاض والاسمرار في الوجوه والقدود والاحمرار في الوجنات والنهود، تتحرك إليهم وهم ركود، وتشرف عليهم وهم قعود.
ويشد هنا السواد المتكائف تحت التلة الناصعة، ويشدهم السواد المترادف تحت الجبين الأغر. ويبرهنا التماع الصخرات البيض تنفتح عنها الذروتان، ويبهرهم ائتلاف الثنايا اللؤلؤية تنفرج عنها الشفتان.
وتشدنا الخرائب في الفقر المهجور، وتشدهم العمائر في الربع الغاني المعمور، وغلظتنا تسمي من الألوان: (الصفرة)، ورقتهم تسميه: (الشقرة)، فإذا نحن حدقنا في الجبل الأصفر، أطالوا هم التحديق في لشعر الأشقر.
يا لها من قسمة عجيبة بيننا وبينهم، اخترناها نحن لأنفسنا بأنفسنا. أنحن الأغبياء أم هم؟ من يدري، وهم يدري المجنون أنه مجنون!.
تجديد تعدد ظهور الغابات البعيدة، ولا تزال الجبال بيضاء ناصعة البياض. فهذه قرية في الوادي إلى يسارنا هي قرية (آكوجان) محاطة بالبساتين. والبساتين في ما مررنا به، وما سنمر به هي بساتين (البندق).
ثم رأينا مجموعة من الخيل إلى يسارنا وما أدري ما هو عمل الخيل هنا، ثم عبرنا إلى قرية (آكوجان) بين الشجر الغضيض، وآكوجان مثل غيرها من القرى البدائية التي مررنا بها، ولكن تتميز بأن بعض بيوتها ذو طابقين اثنين.
ومضينا عنها متجهين إلى قرية (تلاتر) التي ستكون مقرنا في ليلنا المقبل، داخلين إليها بين بساتين البندق بشجرها المتكائف.
وإذا كنا لم نر فيما تقدم ذكره من القرى سوى مظاهرها الخارجية، فإن رؤيتنا لازقة (تلاتر) أكدت لنا أن هذه القرى لا تزال على ما تركها الإسماعيليون النزاريون.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»