الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٩٧
ننحدر وننحدر راكضين في مملكة حسن الصباح إلى الوادي الخصيب الرحب. وإذا كان عزنا حتى الآن عواء الذئاب وتصويت البشر، وإذا كنا افتقدنا الإنسان والحيوان فيما نمشي فيه من جبال وأودية، فإن قطعيا كبيرا من الغنم فاجأنا بظهوره منكبا على الأرض المعشبة يوسعها قضما، وراعيا يقف إلى جانب الطريق متكئا على عصاه التي لم يكن في حاجة لأن يهش بها على القطيع الساكن الوادع!.
واشتد انحدارنا من الجبال الهائلة، فلاحت إلى يميننا قرية (فلار) في قلب الأودية والجبال، وفوقها غابة مكتظة، ومررنا ببيوت متطرفة من القرية، بيوت طينية بدائية ضاوية!.
المنحل العامر بخلياته المتراصفة صفوفا نظيمة، بصناديقها الفنية المصوغة على أحدث ما تصاغ به صناديق خلايا النحل في أرقى البلاد.
المنحل الذي فاجأنا ظهوره في البرية المقفرة، هو نقيض هذه القرية مظهرا ومخبرا!.
حقيقة الحياة النزارية ومضينا منحدرين فطلعت لنا سيارة جيب عسكرية كانت وحيدة في الطريق البعيد المدى.
ثم لاحت كتل الجبال المقابلة واضحة، وبدت في الوادي قرية (رازميان) التي سنعود إلى ذكرها، ولاحت فوقها قلعة (لمبسر) إحدى أشهر قلاع الإسماعيليين النزاريين، وهي التي ننوي الوصول إليها فيما ننوي الوصول إليه من القلاع والديار.
هنا حيال راز ميان المغمورة بالزروع والبساتين، والمطلة عليها من فوق الشواهق قلعة (لمبسر) تبدو حقيقة مملكة حسن الصباح.
لم تكن الحياة في هذه المملكة جافة خشنة كما قد يبدو من وصف معاقلها
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»