الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٨٩
وأودية سحيقة، وحطت بنا على السفح المنشود، وها نحن غير بعيد عن القلعة التاريخية العظيمة. ولكن هذا الذي يبدو لأعيننا غير بعيد، كان في الحقيقة بعيدا كل البعد، بل إن بعده هذا الذي هو غير بعيد - يحول بيننا وبين الوصول إليه؟!
ماذا؟ أأتكلم بالألغاز؟! لا ألغاز ولكنها حقيقة واضحة، تبدو وكأنها من صميم الألغاز!.
بيني وبين الوصول إلى صميم القلعة مسافة تعد بمئات الأمتار، ولكن هذه الأمتار ممعنة في الصعود.
إنها قريبة بالرغم من إمعانها هذا!!.
ولكن إذا كانت المسافة المكانية بيني وبين القلعة تعد بمئات الأمتار، فإن المسافة الزمنية بيني وبينها هي إحدى وثمانون سنة.
إحدى وثمانون سنة من العمر هي التي تفصل الآن بيني وبين القلعة!.
فكيف لي وأنا أحمل هذه السنين الثقال بأن أصعد الجبل على قدمي إلى قلعة حسن الصباح؟!.
لقد كان لحسن الصباح فدائيوه الذين طالما قذف بهم إلى اغتيال من ناوءوه وعادوه، وفكرت وأنا في سفح قلعته في ذلك!. واستعرضت في هني مواقفي منه، وهل هي مما يسلكني في صف من يستحقون أن ينالهم فدائيوه بالشر؟ وما يدريني أن لا تكون قلعته بموقعها الشامخ معدة إعدادا محكما لاغتيال من يغضب عليهم حسن الصباح وهو في قبره، فتقتلهم وهم يحاولون الصعود إليها؟!.
استعرضت مواقفي من حسن الصباح، فرأيت أنني إذا كنت قد أغضبته بإنكاري عليه الانشقاق الخطير الذي أحدثه في الصف الموحد، وإنكاري على خلفائه ما ابتدعوه من العقائد، فكان وكانوا السبب في استغلال خصوص الدولة الفاطمية العظيمة لكل ذلك بنسبة ما هي بريئة منه إليها.
إذا كانت فعلت ذلك. فإني في الوقت نفسه قد أحسنت الدفاع عما نسب إليه وإلى جماعته من بعده من تهم باطلة لا أصل لها..
(١٨٩)
مفاتيح البحث: القبر (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»