الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٩٣
وصول السيارة لقريتهم حدث يرى ويعجب!...
ولقد تأملت في وجوه من لقيناه منهم لعلي أرى فيها ما يدل على أصل فدائي جبار، نستنتج منه على أنهم من سلالات نزارية مفادية!..
فربما كان هذا الشيخ المضياف الماثل أمامي حفيدا لذلك الفدائي الذي غرس المدية تهديدا قرب سرير الملك السلجوقي سنجر، في اللحظات التي كان سنجر يغط فيها بنومه!.
ولربما كان هذا الشاب المعوان المنهمك حيالي برص صحاف الطعام سبطا لذلك الفدائي الآخر الذي جرد خنجره على الفقيه الرازي، فارتدع الفقيه عن شتم النزاريين في مجلسه إلى الأبد!..
وربما كان هؤلاء الغادون الرائحون من هنا وهناك متحدرين من تلك الأصلاب التي طالما أرعب أصحابها من أرعبوا!.
ولكن الوجوه (الكازرخانية) لم توح إلا بالدعة، ولم أجد في قسماتها إلا الأمن والسلام.
رحلتي إلى ديار الإسماعيلية النزارية السابع من حزيران سنة 1991 كنا نخرج من مدينة قزوين في سيارة جيب ضخمة عابرين السهول الفيح بين حقول القمح الممتدة إلى كل مكان، وكانت تواجهنا من بعيد سلاسل جبال (ألبرز)، وبدا لنا في قمة من قممها نصب عال يطل في مدى واسع على ما أمامه من سهول مترامية الأطراف.
هذا النصب هو بعض ما أعده الإسماعيليون النزاريون لمواجهة الأخطار، فهو عين راصدة لا تفوتها تحركات المقبلين في الأرض المكشوفة، فإذا لمحت ما يريب أو قدت نارا أو أرسلت دخانا أو أطارت حماما، إشارة إلى الخطر الداهم، فتكون النار أو الدخان أو الحمام إنذارا يحتاط معه المحتاطون.
وكان هذا النصب أول ما نبصر من مظاهر الحياة العسكرية للنزاريين، وأول
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»