الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٩٤
ما يطالعنا على أبواب ديارهم التي نمشي إليها حثيثا. وهو إن دل على شئ فإنما على شدة الحذر الذي كانوا يمارسونه في جبالهم التي لا تشبهها جبال.
ولم نلبث أن مررنا بنهر (باراجين) الجاري إلى يميننا. ثم عبرناه على جسر جعل النهر إلى يسارنا، ورأينا الدسكرة التي تقوم على ضفتيه ومواقع المطاحن الكبرى التي كانت تدور بماء السد المشاد على النهر، ثم زالت مع ما زال من القديم بحلول الجديد المتطور محله.
وبعد مرور ثلاثين دقيقة خروجنا من قزوين انتهى طريق الاسفلت، وتشعب الطريق فمشينا في الشعبة الترابية، فكنا في تخوم (جبال الديلم)، وعلى أبواب مداخلها.
جبال الديلم ولهذه الجبال ذكر موغل في التاريخ ليس هنا مكان الحديث عنه، ولكن طروق جبال الديلم لا يمكن أن يمر دون أن يعيد الفكر إلى العصور التي كانت فيها هذه الجبال مسرحا لأحداث لا تزال أصديتها تتجاوب في مسامع الزمن، فأنا الآن أسمع قول الشاعر القديم:
قد يعلم الديلم إذ نحارب * حين أتى في جيشه ابن عازب بأن ظن المشركين كاذب * فكم قطعنا في دجى الغياهب من جبل وعر ومن سباسب وإذا كان هذا الشاعر أنشد ما أنشد محاربا، وعبر هذه الجبال مقاتلا، فإننا نردد شعره مسالمين، ونعبر الجبال مؤاخين متحالفين. وإذا كان يعلن بأن ظن المشركين فيها كاذب، فإننا نعلن * أن فيها اليوم: المؤمنين الذين لا تكذب ظنونهم.
على أننا مثله: كم نقطع (من جبل وعر ومن سباسب)، ولكن لا في دجى الغياهب، بل في وضح النهار وتألق الشمس ومتوع الضحى.
(١٩٤)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»