ولا يبقى لبني أمية فيها مد ولا جزر. وهذا ما كانت تخاف منه قريش، وكان إحدى - الجهات التي سعت في صرف الأمر عن علي، فشمر عن ساعد الخلاف والثوار وجعل قتل الخليفة عثمان وسيلة للانتصار.
يظهر من التاريخ جليا أن هم معاوية في أول أمره وبادئ بدء خلافة، كان مقصورا على الاخلال بخلافة علي ولم يكن له طمع في الخلافة، لا لمعرفته سوابق مكانه في الإسلام فقط، والعلم بدنو مقامه وشأنه عند المسلمين فحسب، بل لأنه كان يعرف أن أمر الخلافة، على ما سبق من الروية لا يتم إلا بانتخاب الأصحاب من المهاجرين والأنصار ولا ينفذ إلا باتفاق أكابر أهل المدينة الأخيار، ويعلم ما في ذلك من الابتعاد وإن دون البيعة له بالخلافة خرط القتاد فأين هو، وهو عندهم هو، من ذاك الاتفاق والاتحاد؟
بايع عليا المهاجرون والأنصار، ومن بقي حيا من البدريين الكبار، فنال ما استحقه من الخلافة وفاز محبوه ومعتقدوه بما اعتقدوا له من الإمامة والولاية، وعلي كان يومئذ على ما كان عليه في ما مضى، ورضى بما قدر الله له وقضى، فلم يحدث خلافا لمن سلف، ولم ير حينئذ إلا ما كان يريه بعد وفاة النبي ولأجله بايع وائتلف وهو كما قال:
"... إن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم... والدين يفسده أدنى وهن ويعكسه أقل حلق فولي الأمر قوما لم يألوا في أمرهم اجتهادا... " - 26 - لم يظهر في مدة خلافة علي مخالفة منه لمن كان قبله، ولم يكن المسلمين - التابعين له إلا على ما كانوا عليه، وما عملوا إلا مثله، ولم يوجد هناك اختلاف وتفرق، إلا ما حدثته مطامع معاوية وبني أمية، وأورثته مكايدهم باسم عثمان الخليفة، إذ جعلوا ذلك ذريعة للضربة على علي (ع) ونقض أمره وكسر شوكته وشأنه،