الإسلام والشيعة الإمامية في أساسها التاريخي - محمود الشهابي الخراساني - الصفحة ٥٦
وتفريق الجماعة عن حوله، والتوسل بذلك إلى عزله بل وقتله.
رسم معاوية لنيل ذلك الغرض الفاسد، والوصول إلى ذاك الهدف والمقصد، بعد " التحريض " الذي، كما عبر هو نفسه في كتاب كتبه إلى عبد الله بن عامر، أحد - السلاح: "... واجعل أكبر عدتك، الحذر وأحد سلاحك، التحريض... " أن يهيأ أسبابا يضطر بها علي على الخروج عن المدينة الرسول، مركز الخلافة، فكتب إلى يعلى بن منية في ما كتب صبيحة ورود كتاب مروان إليه، يخبره بقتل عثمان:
"... وقد كتبت إلى طلحة بن عبد الله أن يلقاك بمكة حتى يجتمع رأيكما على إظهار الدعوة... " وكتب في ما كتب إلى الزبير، بعد عنوان الكتاب لعبد الله الزبير، أمير المؤمنين! " "... فإني قد بايعت لك أهل الشام! فأجابوا!... فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليهما ابن أبي طالب... وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك... " - 27 - فاز معاوية ببغيته، وصار إلى أمنيته، واضطر علي (ع) بما مهده معاوية، واعده له، بالخروج عن المدينة، وانجر الأمر إلى حرب الجمل فاشتد الاختلاف والتفرق، وحصل التحزب والتشعب باسم عثمان وبعنوان " شيعته " وتمييز هذا - العنوان من تابعي علي وشيعته، لكنه لا علي ولا شيعته وتابعوه، لم يظهروا خلافا للخلفاء السابقين، ولم يتكلموا بما يتوهم منه اختلاف مع المسلمين الأولين، ولم يعملوا عملا يقطعهم عن المتقدمين (وإن كان في شيعة علي من يعتقد بكون علي أحق بالخلافة وإن غيره استبد بحقه).
استفاد معاوية لتشديد الاختلاف، والإخلال بأمر علي من أية وسيلة يرشدها إلى التوسل بها نكراؤه ودهاؤه، فأمر بإلقاء قميص عثمان على المنبر في مسجد الشام وباجتماع النوائح عليه بالضجة والعويل والبكاء، للتهييج والتحريض لأهل الشام، فلما تم كيده، وتهيأ أهل الشام لأخذ الثار، خرج إلى صفين وقابل عليا وقاتل،
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»