- 15 - والآن فانظر إلى العصبية كيف صارت موجبة لغفلة هذا الرجل الفاضل عن الحق والعدل والإنصاف فأورد أخبارا منافيه للأخبار المستفيضة بل المتواترة التي بصراحتها تدل على أنه لا فخر لقرشي على حبشي، إلا بالعمل الصالح، بل معارضة للقرآن - المجيد بأن " أكرمكم عند الله أتقاكم " حرصا على أن يرجح مذهب الشافعي، لكون مؤسسة قرشيا، على باقي المذاهب الأربعة، وغفل عن أن جل هذه الأخبار التي صرحت فيها بكلمة " قريش " موضوعة في زمان بني أمية وإلا فما معنى لزوم " موالاة قريش " على الاطلاق وفيهم البر والفاجر والمؤمن والكافر؟ وعلى ما يحمل قوله " من أحب قريشا أحبه الله ومن أبغض... " ومن قريش أبو لهب وحمالة الحطب " وأما الخبران اللذان صرح فيها بكون " الأئمة من قريش " وبأنه " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان " فالمراد منها أئمة الشيعة، ولا سيما الثاني منهما حيث لا ينطبق إلا على ما عليه الشيعة، فإن الأمر زال عن قريش بانقراض خلافة آل العباس وكيف كان ليس في هذا العصر إمام من قريش (خليفة للرسول) إلا على ما اعتقدت - الشيعة.
وأما الأخبار التي جئ فيها بلفظ القرابة والرحم فانطباقها على عترة الرسول وآله وأبنائه من بنته، أظهر من أن يجترئ من له حياء العلم، أن يصرفها منهم ويرجعها إلى من بينه وبين الرسول في سلسلة الأجداد نحوا من عشرة فاصلة.
والخبر الذي فيه " الإمامة والايتمام والتعليم والتعلم، وإن إمامة الأمين من قريش تعدل إمامة الأمين من غيرهم! " فوضعه غير محتاج إلى البيان والتوضيح، وكذا خبر " الناس تبع لقريش في الخير والشر " لوضوح عدم جواز التبعية في الشر ، إن فرض كون الخبر على سبيل الانشاء والحكم، وعدم صدقه إن فرض كونه خبريا لأن " الناس " على إطلاق الكلمة لم يكونوا ولا يكونون تبعا لقريش في أي زمان اللهم إلا أن يكون المراد من " الناس " جمع خاص ومن " قريش " أيضا أفراد مخصوصة!.