من جامعتها، فاجتمعت الوفود المدعوة (نحوا من أربعين وفدا من أربعين مملكة) من أكثر بلاد العالم المهمة وكان موضوع البحث في أحد أيام المؤتمر (تأثير الاجتهاد، في الإسلام " وكان أول من تكلم في ذاك اليوم في الموضوع المقرر، أحد العلماء - الأفاضل من مصر، رحمه الله، فقال في ما ألقى في خطابه بعد ما ذكر ابتداء أئمة - الشيعة الاثني عشر بأسمائهم:
" إن الشيعة تعتقد أن هؤلاء الأئمة مشرعون وهم يقولون بالقياس ويعتبرونه.. " فعجبت من هذا القول وهذه النسبة والقائل أستاد معروف بالتتبع، صاحب التآليف - الكثيرة. فلما وصلت نوبتي أشرت في ما ألقيت من الخطاب بأن ذاك القول منحرف عن الصواب، ومما يدل على بطلانه أن الشيعة، كغيرها من المسلمين، وتعتقد أن التشريع الديني لله تبارك وتعالى وهو يوحى بوساطة أمين وحيه جبرائيل على رسوله، وليس في الشيعة من اعتقد نزول جبرائيل بعد رسول الخاتم، وبعد أن أكمل الله تعالى به (ص) دينه وأتم نعمته، على أحد من الناس كائنا من كان، فكيف تنسب إليهم ذاك الاعتقاد - الباطل!؟
نعم تعتقد الشيعة أن أهل البيت أدرى بما في البيت، وأن القرآن يعرفه من خوطب به، وتعتقد أن النبي، كما استفاضت منه، " مدينة العلم والحكمة وعلي بابها "، وتعتقد بأن الأئمة من صلب على ذرية الرسول وآله، ومن سلالته وأبناؤه، وأبواب علمه وحكمته، وأمناؤه، آخذون ما قالوا من جدهم، ومفسرون بتعليمه إياهم ما أشكل فهمه على غيرهم، ومبينون ما خفي دركه واشتبه على غيرهم، فهم يروون كابرا عن كابر بالسند الموصول إلى جدهم الرسول، ويبينون أصول الدين وفروعه، مستندة إلى ما لا يجوز لمن أسلم إلا التسليم منهم والقبول. وذلك كله لطهارة ذاتهم، وشرافة صفاتهم، واتصالهم جسما وروحا بالنبي (ص) وانفعالهم عنه.
وأين هذا من اعتقاد التشريع؟
وأما نسبة القياس إليهم فأمرها عجيب، والتفوه بها من مثل الأستاذ بعيد غريب، وكيف له والأصاغر من طلبة العلم سمع من الشيعة أنه يقول: " وليس من مذهبنا القياس "