آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٩٩
حتى الرافضة يعترفون بذلك.
فإن قال: أنا لا أعتبر إلا من اجتمعت الأمة عليه، لزمه على هذا القول أن لا يعد علي بن أبي طالب ولا ابنه، لأن الناس لم يجتمعوا عليهما، وذلك أن أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما، وعد معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير، فإن الأمة لم تجتمع على واحد منهما.
فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادا للخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد بن سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد ثم هشام، فهؤلاء عشرة، ثم من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، ولكن هذا لا يمكن أن يسلك ، لأنه يلزم منه إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر، وهو خلاف ما نص عليه أئمة السنة، بل والشيعة، ثم هو خلاف ما دل عليه نصا حديث سفينة عن رسول الله أنه قال:
الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا عضوضا.
وقد ذكر (سفينة) تفصيل هذه الثلاثين سنة فجمعها من خلافة الأربعة، وقد بينا دخول خلافة الحسن، وكانت نحوا من ستة أشهر فيها أيضا، ثم صار الملك إلى معاوية لما سلم الأمر إليه الحسن بن علي.
وهذا الحديث فيه المنع من تسمية معاوية خليفة، وبيان أن الخلافة قط انقطعت بعد الثلاثين سنة لا مطلقا، بل انقطع تتابعها، ولا ينفي وجود خلفاء راشدين بعد ذلك، كما دل عليه حديث جابر بن سمرة.
وقال نعيم بن حماد: حدثنا راشد بن سعد، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حذيفة بن اليمان قال: يكون بعد عثمان اثنا عشر ملكا من بني أمية، قيل له: خلفاء؟
قال: لا، بل ملوك.
وقد روى البيهقي من حديث حاتم بن صفرة، عن أبي بحر قال: كان أبو الجلد جارا لي، فسمعته يقول يحلف عليه: إن هذه الأمة لن تهلك حتى يكون فيها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلان من أهل البيت، أحدهما يعيش أربعين سنة، والآخر ثلاثين سنة . ثم شرع البيهقي في رد ما قاله أبو الجلد بما لا يحصل به الرد، وهذا عجيب منه!
وقد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا. وقد كان ينظر في
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»