وإذا صح حديث سفينة فهو إخبار نبوي عن انحراف الأمة بعد الثلاثين سنة، وعدم شرعية الحكم فيها. وبما أن عدد الحكام في هذه الفترة لم يزيدوا عن خمسة، فلا بد أن يكون الأئمة الاثنا عشر من غير الحاكمين، أو تكون تكملتهم من غيرهم!
فحديث سفينة يحكم بخطأ جعل الأئمة الاثني عشر من الحكام، كما هو واضح. ولكن أكثر الشراح أشربوا في قلوبهم حب بني أمية، وارتكبوا كل تناقض لجعل ملكهم العضوض إمامة ربانية، وجعل حكامهم المعروفين بسلوكهم وبطشهم، أئمة ربانيين مبشرا بهم على لسان رسول رب العالمين !
والذي يزيدك اطمئنانا بما قلناه، أنهم قبلوا حديث سفينة (الخلافة ثلاثون سنة) وقد فسره راويه سفينة ونفى الخلافة عن بني أمية، وقال إنهم ملوك شر ملوك! بل اتهمهم بأنهم أبناء رومية زانية (بنو الزرقاء)!
ومع ذلك جعلوهم أئمة ربانيين، اختارهم الله تعالى لقيادة هذه الأمة!
ومنهم من حاول نفي تفسير سفينة للحديث وقال: إنه زيادة لم تثبت، مثل الألباني! وكذلك لم يثبت عندهم كل ما في تاريخ بني أمية من ظلم عضوض للناس!! فلا بد لهم أن يردوا وصف النبي له بالعضوض!!
قال العيني في عمدة القاري: 16 / 74: (فإن قلت: يعارض حديث سفينة ما رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة: لا يزال هذا الدين قائما ما كان اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، الحديث.
قلت: قيل إن الدين لم يزل قائما حتى ولي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، وأراد بهذا خلافة النبوة، ولم يرد أنه لا يوجد غيرهم.
وقيل: هذا الحديث فيه إشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلين من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء، وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم قد كان بعد ذلك خلفاء راشدون منهم عمر بن عبد العزيز، ومنهم المهتدي بأمر الله العباسي، ومنهم المهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان). انتهى.
فانظر إلى هذا التصرف بالألفاظ من أجل مصلحة الأمويين، حيث جعل الخلافة الشرعية نوعين : خلافة نبوة وهي التي كانت لمدة ثلاثين سنة، وخلافة شرعية ليست خلافة عن النبي صلى