على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته، بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان، ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فغلبه مروان، ثم ثار على مروان بنو العباس، إلى أن قتل.
ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح، ولم تطل مدته، مع كثرة من ثار عليه ، ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته، لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس، واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك، وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض، إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم في بعض البلاد، بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة. ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك. فعلى هذا يكون المراد بقوله: ثم يكون الهرج، يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام، وكذا كان. والله المستعان.
والوجه الذي ذكره بن المنادي ليس بواضح، ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي، عن أبيه، عن جده رفعه: سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء أمراء ، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه. فهذا يرد على ما نقله بن المنادي من كتاب دانيال.
وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا، وكذا عن كعب.... فالأولى أن يحمل قوله: يكون بعدي اثنا عشر خليفة، على حقيقة البعدية، فإن جميع من ولي الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا، منهم اثنان لم تصح ولايتهما، ولم تطل مدتهما، وهما معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم، والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وتغيرت الأحوال بعده ، وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون.
ولا يقدح في ذلك قوله: يجتمع عليهم الناس، لأنه يحمل على الأكثر الأغلب، لأن هذه الصفة لم تفقد منهم إلا في الحسن بن علي وعبد الله بن الزبير، مع صحة ولايتهما، والحكم