* * وتلاحظ أن ابن كثير لا يريد الاعتراف بوجود تشكيك في أن يوم عرفة كان يوم جمعة، لأن ذلك يخالف قول عمر، وقد صعب عليه تشكيك سفيان الثوري الصريح فالتف عليه ليخربه معتذرا بأنه احتياط وتقوى من الثوري!!
ومما يدل على أن الرواة كانوا في شك من أن يوم عرفات كان يوم جمعة ما رواه الطبري في تفسيره: 4 / 111، ولم يذكره ابن كثير، قال:
حدثنا ابن المثنى قال: ثنا عبد الوهاب قال: ثنا داود قال قلت لعامر: إن اليهود تقول : كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه؟!
فقال عامر: أو ما حفظته؟
قلت له: فأي يوم؟
قال: يوم عرفة، أنزل الله في يوم عرفة!!
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية، أعني قوله: اليوم أكملت لكم دينكم يوم الاثنين، وقالوا: أنزلت سورة المائدة بالمدينة.
ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال: ثنا إسحاق قال: أخبرنا محمد بن حرب قال: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش عن ابن عباس: ولد نبيكم صلى الله عليه وآله يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين: اليوم أكملت لكم دينكم، ورفع الذكر يوم الاثنين.
ثم قال الطبري: وأولى الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده ووهي أسانيد غيره. انتهى.
* * الموقف العلمي في سبب نزول الآية من حسن حظ الباحث هنا أن بإمكانه أن يفتش عني السبب الحقيقي لنزول الآية في أحاديث حجة الوداع، لأن هذا الوداع الرسولي المهيب قد تم بإعلان رباني مسبق، وإعداد نبوي واسع .. وقد حضره ما بين سبعين ألفا إلى مئة وعشرين ألفا من المسلمين، ورووا الكثير من أحداثه، ومن أقوال النبي صلى الله عليه وآله وأفعاله فيها، ورووا أنه خطب في أثنائها