آخر تلك الأحداث المؤلمة لقلب كل مسلم..
في ذلك الظرف، قرر علي وفاطمة عليهما السلام أن يستنهضا الأنصار ويطالباهم بالوفاء ببيعة العقبة، التي شرط عليهم النبي صلى الله عليه وآله فيها أن يحموه وأهل بيته وذريته ، مما يحمون منه أنفسهم وذراريهم، فبايعوه على ذلك! وكانت فاطمة عليها السلام مريضة مما حدث لها في الهجوم على بيتها فأركبها علي عليه السلام على دابة، وأخذا معهما الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، وجالوا على بيوت رؤساء الأنصار في تلك الليلة والتي بعدها ، وكلمتهم فاطمة عليها السلام فكان قول أكثرهم: يا بنت رسول الله، لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر، ما عدلنا بعلي أحدا! فقالت الزهراء عليها السلام:
وهل ترك أبي يوم غدير خم لأحد عذرا!! (الخصال 1 / 173) إن منطق الزهراء عليها السلام هو منطق أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله تماما..
فهي بضعة منه، وهي مطهرة من منطق المثاقلين إلى الأرض وتفكيرهم.. وكل تكوينها وتفكيرها ومشاعرها وتصرفاتها ربانية، ولذلك قال عنها أبوها (إن الله يرضى لرضا فاطمة، ويغضب لغضبها)!.
ذلك أنها ليس لها شخصيتان: واحدة رسالية والأخرى شخصية، فتغلب هذه مرة وهذه مرة.
. بل وجودها عالم موحد منسجم دائما.. فهي أمة هذا الرب العظيم لا غير، وتابعة لهذا الرسول والأب الحبيب لا غير.. صلى الله عليه وآله. وفاطمة الزهراء تعرف أنه سبحانه يتعامل مع الناس بإقامة الحجة عليهم في أصول الإسلام وتفاصيله، وفي أسس العقيدة وجزئيات الشريعة، وفيما يجب على الأمة في حياة نبيها، وبعد وفاته..
وقد أقام أبوها الحجة لربه كاملة غير منقوصة، في جميع الأمور، ومن أعظمها حق زوجها علي، وولديها الحسن والحسين عليهم السلام، الذين أعطاهم الله حق الولاية على الأمة بعد نبيها!
بهذا المنطق قالت الزهراء عليها السلام للأنصار: إن جوابكم لي جواب سياسي.. ومنطق الحجة الإلهية أعلى من منطق اللعب السياسية، ومهيمن عليه، ومتقدم عليه رتبة، وفاضح له..
فقد بلغ أبي صلى الله عليه وآله عن ربه، وأخبركم أن المالك العظيم سبحانه قد قضى الأمر