أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥١٧
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم صفين، يوم فرض عليه الصلح بقوله:
" ولقد كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما، ومضيا على اللقم، وصبرا على مضض الألم، وجدا في جهاد العدو، ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا من عدونا، ومرة لعدونا منا. فلما رأى الله صدقنا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه ومتبوئا أوطانه، ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ما قام للدين عمود، ولا اخضر للإيمان عود " (1).
هذه كلمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قائد الشيعة وإمامهم، أفهل يجوز لمن يؤمن بإمامته أن يكفر جميع صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) أو يفسقهم أو ينسبهم إلى الزندقة والإلحاد أو الارتداد، من دون أن يقسمهم إلى أقسام، ويصنفهم أصنافا ويذكر تقاسيم القرآن والسنة في حقهم!! كلا وألف كلا.
وهذا هو الإمام علي بن الحسين يذكر في بعض أدعيته صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) ويقول: " اللهم وأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) خاصة الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق عليك

(1) نهج البلاغة، الخطبة 56.
(٥١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 512 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 ... » »»