وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم.
اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا... " (1).
فإذا كان الحال كذلك، واتفق الشيعي والسني على إطراء الذكر الحكيم للصحابة والثناء عليهم، فما هو موضع الخلاف بين الطائفتين كي يعد ذلك من أعظم الخلاف بينهما؟
إن موضع الخلاف ليس إلا في نقطة واحدة، وهي أن أهل السنة يقولون بأن كل من رأى النبي (صلى الله عليه وآله) وعاشره ولو يوما أو يومين فهو محكوم بالعدالة منذ اللقاء إلى يوم أدرج في كفنه، ولو صدر منه قتل أو نهب أو زنا أو غير ذلك، محتجين بما نسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم " وفي ذلك خلل كبير أعاذ الله المسلمين منه، فالتاريخ بين أيدينا، وصفحاته خير شاهد على ما نقول، ونحن لا نقول كما قال الحسن البصري: " طهر الله سيوفنا عن دمائهم، فلنطهر ألسنتنا "، لأنا لا نظن أن الحسن البصري يعتقد بما قال بل إنه تدرع بهذه الكلمة وصان بها نفسه عن هجمات الأمويين الذين كانوا يروجون عدالة الصحابة في جميع الأزمنة، بل يلبسونهم ثوب العصمة، إلى حد كان القدح بالصحابي أشد من القدح برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنفي العصمة عن النبي (صلى الله عليه وآله) واتهامه بالذنب قبل بعثه وبعده كان أمرا سهلا يطرح بصورة عقيدة معقولة ولا يؤاخذ القائل به، وأما من نسب صغيرة أو كبيرة إلى صحابي فأهون ما يواجهونه به هو الاستتابة وإلا فالقتل...
فإذا كان هذا هو محل النزاع - أي عدالة الكل بلا استثناء أو تصنيفهم إلى