من صدور أمور من بعضهم لا تتفق مع العدالة، كالخروج على أئمة العدل، وشق عصا المسلمين، وقتل النفوس المحترمة، وسلب الأموال المعصومة، والسب والشتم وحرب المسلمين وغشهم، وإلقاح الفتن، والرغبة في الدنيا، والتزاحم على الإمارة والرئاسة وغير ذلك مما تكفلت به كتب الآثار والتواريخ وملأ الخافقين.
وأعمال مروان بن الحكم في خلافة عثمان معلومة مشهورة، وكذلك بسر بن أرطاة والمغيرة بن شعبة والوليد بن عقبة، وكلهم من الصحابة (1).
وحصيلة البحث: أن موضع الاختلاف، ومصب النزاع ليس إلا كون عدالة الصحابة قضية كلية أو جزئية؟ فالسنة على الأولى، والشيعة على الثانية، وأما ما سواها من سب الصحابة ولعنهم، أو ارتدادهم عن الدين بعد رحلة الرسول، أو عدم حجية رواياتهم على وجه الإطلاق، فإنها تهم أموية ناصبية، اتهم بها شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله) وهم براء منها. ونعم الحكم الله. فالشيعة يعطون لكل ذي حق حقه، فيأخذون معالم دينهم عن ثقات الصحابة، ولا يتكلمون في حق من لم يتعرفوا على حاله، ويحكمون على القسم الثالث على ضوء الكتاب والسنة.
إن هناك رجالا من السلف لا يسوغ لمنصف يمتلك مقياسا شرعيا سليما أن يذهب إلى جواز حبهم أو الترحم عليهم، لأن في ذلك خروجا صارخا عن أبسط المقاييس والموازين الشرعية، ومن هؤلاء:
1 - معاوية بن أبي سفيان - ويكفي في حقه إيراد ما ذكره الجاحظ في رسالته في بني أمية والآثام التي اقترفوها -: استوى معاوية على الملك، واستبد على بقية أهل الشورى، وعلى جماعة المسلمين من المهاجرين والأنصار في العام الذي سموه عام الجماعة، وما كان عام جماعة، بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة، والعام الذي