والتشريع، وهي تحمل العقلية الديمقراطية الرأسمالية وهي عقلية مادية خالصة في اتجاهها، ونزعاتها وأهدافها فماذا يكون مصير الفئة الأخرى؟ أو ماذا ترتقب للأقلية من حياة في ظل قوانين تشرع لحساب الأكثرية ولحفظ مصالحها؟!، وهل يكون من الغريب حينئذ إذا شرعت الأكثرية القوانين على ضوء مصالحها الخاصة، وأهملت مصالح الأقلية واتجهت إلى تحقيق رغباتها اتجاها مجحفا بحقوق الآخرين؟ فمن الذي يحفظ لهذه الأقلية كيانها الحيوي ويذب عن وجهها الظلم، ما دامت المصلحة الشخصية هي مسألة كل فرد وما دامت الأكثرية لا تعرف للقيم الروحية والمعنوية مفهوما في عقليتها الاجتماعية؟
وبطبيعة الحال: ان التحكم سوف يبقى في ظل النظام كما كان في السابق، وان مظاهر الاستغلال والاستهتار بحقوق الآخرين ومصالحهم.. ستحفظ في الجو الاجتماعي لهذا النظام كحالها في الأجواء الاجتماعية القديمة وغاية ما في الموضوع من فرق ان الاستهتار بالكرامة الإنسانية كان من قبل أفراد بأمة، وأصبح في هذا النظام من الفئات التي تمثل الأكثريات بالنسبة إلى الأقليات، التي تشكل بمجموعها عددا هائلا من البشر.
وليت الأمر وقف عند هذا الحد، إذا لكانت المأساة هينة ولكان المسرح يحتفل بالضحكات أكثر مما يعرض من دموع، بل إن الامر تفاقم واشتد حين برزت المسألة الاقتصادية من هذا النظام بعد ذلك، فقررت الحرية الاقتصادية على هذا النحو الذي عرضناه سابقا، وأجازت مختلف أساليب الثراء وألوانه مهما كان فاحشا، ومهما كان شاذا في طريقته وأسبابه، وضمنت تحقيق ما أعلنت عنه في الوقت الذي كان العالم يحتفل بانقلاب صناعي كبير، والعلم يتمخض عن ولادة الآلة التي قلبت وجه الصناعة وكسحت الصناعات اليدوية ونحوها،