والتفكير في البديل الإسلامي، أو التساؤل عنه، إضافة إلى تعبيره عن يأس الإنسان المسلم، من النقيضين المتصارعين. يعبر كذلك أيضا، عن بوادر اتجاه جديد إلى الإسلام، ويعكس وعيا اسلاميا بدأ يتبلور، ويتخذ مختلف المستويات الفكرية في الأذهان، تبعا لمدى استعدادها، ونوع تجاوبها مع الإسلام. فبذور الوعي الإسلامي، تعبر عن وجودها في بعض الأذهان على مستوى تساؤل عن الإسلام، وفي نفوس آخرين على مستوى ميل إليه، وعاطفة نحوه. وفي عقول أخرى، على مستوى الايمان به، وبقيادته الرشيدة، في كل المجالات، ايمانها بالحياة.
فالوعي الإسلامي، الذي يتحرك الآن في عقول الأمة ويتخذ مختلف المستويات، هو الذي يطرح الأسئلة تارة، ويوحي بالجواب في صالح الإسلام أخرى، ويتجسد حينا آخر، صرحا إيمانيا واعيا شامخا، في التربة الصالحة من عقول الأمة، التي تمثل الإسلام بين المسلمين.
ومن ناحية أخرى، فان الإسلام بنفسه، يضطر المسلمين إلى القاء هذا السؤال على الإسلام، أو على علمائه الممثلين له ومطالبتهم بتقديم البديل الأفضل، للنقيضين المتخاصمين _ الرأسمالية والماركسية _. لأن الإسلام، إذ يعلن في قرآنه، ونصوصه التشريعية، ومختلف وسائل الإعلان التي يملكها، وبشكل صريح، عدم رضاه عن الرأسمالية والماركسية، معا، فهو مسؤول بطبيعة الحال، أن يحدد للأمة موقفا إيجابيا، إلى صف ذلك الموقف السلبي، وأن يأخذ بيدها في طريق آخر يتفق مع وجهة نظره، وإطاره العام.
لأن الموقف السلبي، إذا فصل عن إيجابية بناءة، ترسم الأهداف، وتحدد معالم الطريق يعني الانسحاب من معترك الحياة، والتميع الاجتماعي نهائيا، لا المساهمة من وجهة نظر جديدة.
فلابد للإسلام إذن، ما دام لا يقر الاندماج في إطارات رأسمالية واشتراكية