الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦٥
وصفوة القول، ان الانسان يتصف بحياة باطنية غير الحياة الظاهرية التي يعيشها، والتي تنبع من أعماله، وترتبط حياته الأخروية بهذه الأعمال والأفعال التي يمارسها في حياته هنا.
ان القرآن الكريم يثبت هذا البيان العقلي، ويثبت في الكثير من آياته 1 بان هناك حياة أسمى وروحا أرفع من هذه الحياة للصالحين والمؤمنين، ويؤكد على أن نتائج الأعمال الباطنية تلازم الانسان دوما، والنبي العظيم قد أشار إلى هذا المعنى أيضا في الكثير من أقواله 2.

(١) مثل هذه الآية: وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد، لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد سورة ق الآية ٢١.
والآية: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة سورة النحل الآية ٩٧.
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم سورة الأنفال، الآية ٣٤.
وفي سورة آل عمران الآية ٣٠: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء.
والآية: انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين سورة يس الآية ١٢.
٢) على سبيل المثال: يقول تعالى في حديث المعراج لنبيه (ص): فمن عمل برضائي أمنحه ثلاث خصال: أعرضه شكرا لا يخالطه الجهل وذكرا لا يخالطه النسيان ومحبة لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين، فإذا أحبني، أحببته وافتح عين قلبه إلى جلالي ولا أخفي عليه خاصة خلقي وأناجيه في ظلم الليل ونور النهار حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم وأسمعه كلامي وكلام ملائكتي وأعرفه السر الذي سترته عن خلقي وألبسه الحياء حتى يستحي منه الخلق ويمشي على الأرض مغفورا له واجعل قلبه واعيا وبصيرا ولا أخفي عليه شيئا من جنة ولا نار وأعرفه ما يمر على الناس في القيامة من الهول والشدة.
بحار الأنوار ج ١٧: ٩.
عن أبي عبد الله (ص) قال: استقبل رسول الله (ص) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك؟ فقال: يا رسول الله مؤمن حقا. فقال له رسول الله، لكل شئ حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري فكأني انظر إلى عرش ربي وقد وضع الحساب وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»