الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦٦
ثانيا: كثيرا ما يحدث ان يرشد شخص أحدا بعمل حسن دون ان يلتزم هو بذلك العمل. في حين ان الأنبياء والأئمة الأطهار ترتبط هدايتهم للبشر بالله جل وعلا، ويستحيل ان يشاهد عندهم هذه الحالة، وهو عدم الالتزام بالقول أو العمل به، فهم العاملون بمبادئ الدين الذي هم قادته وأئمته، وانهم متصفون بروح معنوية سامية، يرشدون بها الناس، ويهدونهم إلى الطريق القويم.
فلو أراد الله سبحانه ان يجعل هداية أمة على يد فرد من افرادها، ان يربي ذلك الفرد تربية صالحة تؤهله للقيادة والإمامة، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
مما تقدم نستطيع ان نحصل على النتائج التالية:
1) - ان النبي أو الامام لكل أمة، يمتاز بسمو روحي وحياة معنوية رفيعة، وهو يروم هداية الناس إلى هذه الحياة.
2) - بما أنهم قادة وأئمة لجميع أفراد ذلك المجتمع، فهم أفضل من سواهم.
3) - ان الذي يصبح قائدا للأمة بأمر من الله تعالى، فهو قائد للحياة الظاهرية والحياة المعنوية معا، وما يتعلق بهما من أعمال، تسير مع سيره ونهجه 1.

وكأني اسمع عواء أهل النار في النار، فقال رسول الله عبد نور الله قلبه الوافي الجزء الثالث صفحة ٣٣.
(١) وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات سورة الأنبياء الآية ٧٣.
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا سورة السجدة الآية ٢٤.
ويستفاد من الآيات المتقدمة وما شابهها، ان الامام فضلا عن الارشاد والهداية الظاهرية يختص بنوع من الهداية المعنوية، ويعتبر من سنخ عالم الأمر والتجرد، فهو بواسطة الحقيقة والنور الباطني الذي يتصف به، يستطيع ان يؤثر في القلوب المهيأة، وان يتصرف بها كيفما شاء، وبسيرها نحو مراتب الكمال والغاية المتوخاة. فتأمل.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»